للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الهمزة (لَكَ هَدِيَّةً؟) عرض، والهديَّة اسم مصدر، والمصدرُ إهداءٌ (١)؛ لأنَّه من أهدَى، والهدية: ما يُتقرَّب به إلى المهدى إليه تودّدًا وإكرامًا، وزاد فيه بعضُهم: من غير قصدِ نفع عوضٍ دنيوي بل لقصدِ ثواب الآخرةِ، وأكثر ما يستعمل في الأجسام لا سيَّما والهديَّة فيها نقلٌ من مكانٍ إلى آخرٍ، وقد يُستعمل في المعاني كالعلومِ والأدعية مجازًا لِمَا يشتركان فيه من قصدِ المواددةِ والتَّواصل في إيصالِ ذلك إليه، وفي رواية شَبَابةَ وعفَّان عن شعبةَ عند الخِلَعِيِّ في «فوائده»: «قلت: بلى» (إِنَّ) بكسر الهمزة على الاستئناف، ويجوز الفتحُ بتقدير: هي أنَّ، فتكون معمولة، أو بتقدير فعلٍ، أي: أهدي لك أنَّ (النَّبِيَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ) عطفٌ على «خرجَ» وجملة: «يا رسول الله» معمولةٌ للقولِ، وقوله: «قلنا» بصيغةِ الجمع يحتملُ أنَّه (٢) أرادَ نفسه وغيره من الصَّحابة ممَّن كان حاضرًا.

قال في «الفتح»: وقد وقفتُ من تعيين مَن باشر السُّؤال على جماعةٍ منهم: أبيُّ بن كعبٍ عند الطَّبرانيِّ، وبشيرُ بن سعدٍ والد النُّعمان في حديث ابنِ مسعودٍ عند مالكٍ ومسلمٍ، وزيدُ بن خارجة الأنصاريُّ عند النَّسائيِّ، وطلحةُ بن عُبيد الله عند الطَّبريِّ، وحديث أبي هريرة عند الشَّافعيِّ، وعبدُ الرَّحمن بن بشيرٍ عند إسماعيل القاضِي في كتاب «فضل الصَّلاة» فإن ثبتَ أنَّ السَّائل كان متعدِّدًا فواضحٌ، وإن ثبتَ أنَّه كان واحدًا، فالحكمة في التَّعبير بصيغة الجمع: الإشارة إلى أنَّ السُّؤال لا يختصُّ به بل يريدُ نفسَه ومَن يوافقُه على ذلك، ولا يُقال: هو من باب التَّعبير عن البعضِ بالكلِّ، بل حملهُ على ظاهرهِ من الجمع هو المعتمد لِما ذكر.

وعند البيهقيِّ والخِلَعِيِّ من طريقِ الأعمش ومِسْعر ومالك بن مِغْولٍ، عن الحكم، عن عبدِ الرَّحمن بنِ أبي ليلى، عن كعبِ بن عجرة لمَّا نزلت: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ الاية [الأحزاب: ٥٦] قلنا (٣): يا رسول الله (قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ) بما علَّمتنا من أن نقول: السَّلام عليك أيُّها النَّبيُّ، وقد أمرنا الله تعالى بالصَّلاة والسَّلام عليك في الآية (فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟) أي: فعلِّمنا كيف اللَّفظ اللَّائق بالصَّلاة عليك؟ (قَالَ) : (فَقُولُوا (٤)) والأمر


(١) في (د): «اسم مصدر أهدى».
(٢) في (ع): «أن يكون».
(٣) في (ص): «قلت».
(٤) في (د): «قولوا».

<<  <  ج: ص:  >  >>