للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المتَّصف به قليلَ المال أو كثيره (وَقَوْلُ اللهِ تَعَالَى) ولأبي ذرٍّ: «وقال الله تعالى» (١): (﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ﴾ [المؤمنون: ٥٥]) «ما» بمعنى «الَّذي»، وخبر ﴿أَنَّ﴾: ﴿نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ﴾ [المؤمنون: ٥٦] والعائد من خبر «أنَّ» إلى اسمها محذوفٌ تقديره: نسارعُ لهم به، والمعنى: أنَّ هذا الإمداد (٢) ليس إلَّا استدراجًا لهم في المعاصِي، وهم يحسبونهُ مسارعةً لهم في الخيراتِ معاجلةً بالثَّواب جزاءً على حسنِ صنيعهم، وهذه الآية حجَّة على المعتزلةِ في مسألة الأصلح؛ لأنَّهم يقولون: إنَّ الله تعالى لا يفعلُ بأحدٍ من الخلق إلَّا ما هو أصلح لهُ في الدِّين، وقد أخبر أنَّ ذلك ليس بخيرٍ لهم في الدِّين ولا أصلح، وقوله: ﴿بَل لَّا يَشْعُرُونَ﴾ استدراكٌ لقوله: ﴿أَيَحْسَبُونَ﴾، أي: بل هم أشباهُ البهائمِ لا شعور لهم حتَّى يتأمَّلوا في ذلك أنَّه استدراج (إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مِن دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ﴾ [المؤمنون: ٦٣]) وهذا (٣) رأس الآية التَّاسعة من ابتداء الآية المبتدأ بها هنا، والآيات الَّتي بين الأولى والثَّانية وبين الأخيرة والَّتي قبلها معترضة في وصفِ المؤمنين، وقوله: ﴿مُّشْفِقُونَ﴾ [المؤمنون: ٥٧] أي: خَائفون، وقوله: ﴿وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ﴾ [المؤمنون: ٥٨] أي: بكتبه كلِّها يؤمنون (٤) ولا يفرِّقون، وقوله: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا﴾ [المؤمنون: ٦٠] أي: يعطون ما أعطوا من الزَّكاة والصَّدقات، وقلوبهم وجلةٌ خائفةٌ أن لا يُقبل منهم لتقصيرهِم، وخبر ﴿إِنَّ الَّذِينَ﴾: ﴿أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ﴾ [المؤمنون: ٦١] أي: يرغبون في الطَّاعات فيبادرونها، والكتاب: اللَّوح المحفوظ، أو صحيفة الأعمال، وقوله: ﴿وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِن دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ﴾ [المؤمنون: ٦٣] أي: ما يستقبلونَ من الأعمالِ كما (٥) (قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ) سفيان في «تفسيره»: (لَمْ يَعْمَلُوهَا لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَعْمَلُوهَا) قبل موتهِم لا محالة لتحقَّ عليهم كلمة العذابِ، وفي حديث ابن مسعودٍ: «فوالَّذي لا إله غيره إنَّ الرَّجل ليعملُ بعمل أهل الجنَّة حتَّى ما يكون بينَه وبينها إلَّا ذراعٌ، فيسبقُ عليه الكتاب فيعملُ بعملِ أهل النَّار فيدخلها» [خ¦٦٥٩٤].


(١) «ولأبي ذرٍّ: وقال الله تعالى»: ليست في (د).
(٢) في (د) و (ع): «الأمر».
(٣) في (د): «وهذه».
(٤) في (ص): «مؤمنون».
(٥) «كما»: ليست في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>