للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المهملة المشددة، نسبة إلى أحدِ أجدادهِ، قال: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ) بضم العين وفتح الميم، وهو عمُّ محمَّد الرَّاوي عنه، وعمر مدلِّسٌ لكنَّه صرَّح بالسَّماع، حيث قال: إنَّه (سَمِعَ أَبَا حَازِمٍ) بالحاء المهملة والزاي، سلمة بن دينار (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ) بسكون الهاء والعين فيهما، السَّاعديِّ (عَنْ رَسُولِ اللهِ ) أنَّه (قَالَ: مَنْ يَضْمَنْ لِي) بجزم «يضمَنْ» (مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ) بفتح اللام وسكون الحاء المهملة والتَّثنية، العظمان في جانبي (١) الفم النَّابت عليهما الأسنان علوًا وسفلًا، والمراد اللِّسانُ وما ينطقُ به (وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ) وهو الفرجُ (أَضْمَنْ لَهُ الجَنَّةَ) بالجزمِ على جواب الشَّرط، والمراد بالضَّمان لازمُه وهو أداء الحقِّ، أي: من أدَّى الحقَّ الَّذي على لسانهِ من النُّطق بما يجبُ عليه أو الصَّمت عمَّا لا يعنيهِ، وأدَّى الحقَّ الَّذي على فرجهِ من وضعهِ في الحلال، وكفِّه عن الحرامِ، جازيته بالجنَّة.

وقال الطِّيبيُّ: أصلُ الكلام من يحفظ ما بين لحييهِ من اللِّسان والفم ممَّا لا يعنيهِ من الكلام والطَّعام يدخل الجنَّة، وأراد أن يؤكِّد الوعيد تأكيدًا بليغًا، فأبرزهُ في صورةِ التَّمثيل ليشيرَ بأنَّه واجب الأداء، فشبَّه صورةَ حفظ المؤمن نفسَه ممَّا (٢) وجبَ عليه من أمرِ النَّبيِّ ونهيه، وشبَّه ما يترتَّب عليه من الفوزِ بالجنَّة، وأنَّه واجبٌ على الله تعالى بحسبِ الوعد أداؤه، وأنَّ رسول الله هو الواسطةُ والشَّفيع بينه وبين الله تعالى بصورةِ شخصٍ له حقٌّ واجبُ الأداء على آخرِ، فيقوم به ضامنٌ يتكفَّل له بأداء حقِّه، وأدخلَ المشبَّه في جنسِ صورة المشبَّه به، وجعله فردًا من أفرادهِ، ثمَّ ترك المشبَّه به، وجعلَ القرينة الدَّالَّة عليه ما يستعملُ فيه من الضَّمان، ونحوه في التَّمثيل: ﴿إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ﴾ [التوبة: ١١١]. انتهى.

وخصَّ اللِّسان والفرجَ لأنَّهما أعظم البلاءِ على الإنسان في الدُّنيا، فمَن وقي شرَّهما وقيَ أعظم الشَّرِّ.

والحديثُ أخرجهُ أيضًا في «الحدود» [خ¦٦٨٠٧]، والتِّرمذيُّ في «الزُّهد» وقال: حسنٌ صحيحٌ غريبٌ.

< ToR


(١) في (د): «جانب».
(٢) في (ب) و (س): «بما».

<<  <  ج: ص:  >  >>