للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وروى محيي السُّنَّة: عَرض اللهُ الأمانةَ على أعيانِ السَّموات والأرض والجبال، فقال لهنَّ: أتحملنَ (١) هذه الأمانة بما فيها. قلنا: ما فيها؟ قال: إن أحسنتُنَّ جوزيتُنَّ، وإن عصيتُنَّ عوقبتُنَّ. قلنا: لا (٢) يا ربّ، لا نريدُ ثوابًا ولا عقابًا خشيةً وتعظيمًا لدين الله، و (٣) كان هذا العرض تخييرًا لا إلزامًا (٤).

أو شُبِّهت هذه الأجرام -حال انقيادها وأنَّها لم تمتنعْ عن (٥) مشيئةِ الله وإرادتهِ إيجادًا وتكوينًا وتسويةً بهيئاتٍ مختلفةٍ- بحال مأمورٍ مُطيعٍ لا يتوقَّف عن (٦) الامتثالِ إذا توجَّه إليه أمرُ آمرهِ المُطاع كالأنبياء وأفرادِ المؤمنين، وعلى هذا فمعنى: ﴿فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا﴾ أنَّها بعدما انقادتْ وأطاعتْ ثبتتْ عليها، وأدَّت ما التزمتْ من الأمانةِ وخرجت عن عُهدتها سوى الإنسان، فإنَّه ما وَفَّى بذلك وخان (٧)، إنَّه كان ظَلومًا جَهولًا.

وقال الزَّجَّاج: أعلمنا (٨) الله تعالى أنَّه ائتمنَ بني آدمَ على ما افترضَه عليهم من طاعتهِ، وائتمن السَّموات والأرض والجبال على طاعتهِ والخضوع له، فأمَّا هذه الأجرام فأطعنَ الله ولم تحملِ (٩) الأمانة، أي: أدَّتها، وكلُّ من خان الأمانةَ فقد احتملها.

(وَحَدَّثَنَا) (عَنْ رَفْعِهَا) أي: الأمانة (قَالَ: يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ) بضم الفوقية وفتح الموحدة (مِنْ قَلْبِهِ فَيَظَلُّ أَثَرُهَا) بالرفع (مِثْلَ أَثَرِ الوَكْتِ) بفتح الواو


(١) في (ص): «تحملن».
(٢) «لا»: ليست في (ع).
(٣) في (ب) زيادة: «إن».
(٤) في (د): «لزومًا».
(٥) في (ص): «من».
(٦) في (ص): «على».
(٧) في (ص) و (ع) زيادة: «به»، وفي (ل): «وخامر به».
(٨) في (د): «أعلمها».
(٩) في (د) و (ع): «تحتمل».

<<  <  ج: ص:  >  >>