للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شيئًا (فَدَنَوْتُ) قربت (مِنْهُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ : مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللهُ بِهِ) بفتح المهملة والميم المشددة فيهما. قال الحافظ المنذريُّ، أي: مَن أظهر عمله للنَّاس رياءً أظهرَ الله نيَّته الفاسدة في عملهِ يوم القيامة وفضحَه على رؤوسِ الأشهادِ. وقال في «المصابيح»: هو على (١) المُجازاة من جنسِ العمل، أي: مَن شهَّر عمله سمَّعه الله ثوابه ولم يُعطه إيَّاه، وقيل: مَن أسمع النَّاسَ عملَه سمَّعهم الله إيَّاه، وكان ذلك حظَّه من الثَّواب، وقال غيره: أي: مَن قصد بعملهِ الجاهَ والمنزلةَ عند النَّاس ولم يُرِدْ به وجه الله، فإنَّ الله يجعله حديثًا عند النَّاس الَّذين (٢) أراد نيلَ المنزلة عندهم ولا ثوابَ له في الآخرة (وَ) كذلك (مَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللهُ بِهِ) بضم التَّحتية وكسر الهمزة بعدها تحتية للإشباع فيهما، فلا يظفرُ من ريائه إلَّا بفضيحتهِ وإظهار ما كان يُبطنه (٣) من سوءِ الطَّويَّة، نعوذ بالله (٤) من ذلك، ولابن المبارك في «الزُّهد» من حديثِ ابن مسعودٍ: «مَن سمَّع سمَّع الله به، ومَن رايا رايا الله به، ومَن تطاولَ تعاظمًا (٥) خفضه الله، ومَن تواضعَ تخشُّعًا (٦) رفعه الله»، وفي حديث جابرٍ عند الطَّبرانيِّ من طريق محمَّد بن جُحادة، عن سلمةَ بن كهيلٍ في آخر هذا الحديث: «ومَن كان ذا لِسانين في الدُّنيا جعل الله له لِسانين من نار يوم القيامة». ولْيُعْلَم أنَّ الرِّياء يكون بالبدن كإطراقهِ رأسه ليُرى أنَّه مُتخشِّعٌ، والهيئة كإبقاء أثرِ السُّجود، والثِّياب كلبسه خَشِنَهَا وقصيرهَا (٧) جدًّا، والقول كالوعظِ وحفظِ علوم الجدلِ،


(١) «على»: ليست في (ع).
(٢) في (ع): «الَّذي».
(٣) في (ص): «مبطنه»، وفي (ع): «ببطنه».
(٤) «نعوذ بالله»: لم يرد في (ب).
(٥) في (ص): «تعظُّمًا».
(٦) في (ص): «متخشِّعًا».
(٧) في (ص): «قصَّرها».

<<  <  ج: ص:  >  >>