للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(قَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللهِ) تعالى الَّذي وعدَهم به من الثَّواب والجزاء المتحقّق الثَّابت وقوعه؛ إذ (١) لا خُلْفَ لوعدهِ (إِذَا فَعَلُوهُ؟) أي: المذكور من العبادةِ وعدمِ الإشراك (قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ) وفي رواية ابن حبانٍ من طريق عَمرو بن ميمون: «أنْ يغفرَ لهم ولا يعذِّبهم»، وفي رواية أبي عثمان: «يدخلَهم الجنَّة» أي: لا يعذِّبهم إذا اجتنبوا الكبائرَ والمناهِي وأتوا بالمأموراتِ.

والحديث هنا رواه همَّامٌ عن أنسٍ عن معاذ، فهو من مسند معاذٍ (٢)، وخالفه هشامٌ الدَّستَُوائيُّ عن قتادةَ فقال: عن أنسٍ، عن النَّبيِّ ، فيكون من مسند أنسٍ (٣). قال في «الفتح»: والمعتمد الأوَّل، وهو من الأحاديث الَّتي أخرجها البخاريُّ في ثلاثةِ مواضع عن شيخٍ واحدٍ، بسندٍ واحدٍ، وهي قليلةٌ جدًّا في كتابه، وأضافَ إليه في «الاستئذان» [خ¦٦٢٦٧] موسى بنَ إسماعيل، وقد تتبَّع بعضُهم ما أخرجَهُ في موضعٍ واحدٍ فبلغَ عدَّتها زيادة على العشرين، وفي (٤) بعضها تصرَّف في المتن بالاختصار منه (٥).

ومطابقةُ الحديث للتَّرجمة من جهةِ أنَّ فيه مجاهدة النَّفس في التَّوحيد، وجهاد المرء نفسه هو الجهادُ الأكبر، قال تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى. فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات: ٤٠ - ٤١] أي: علم أنَّ له مقامًا يوم القيامة لحساب ربِّه، ونهى النَّفس الأمَّارة بالسُّوء عن الهوى المردي (٦)، أي: زجرها عن اتِّباع الشَّهوات، فالمجاهدة تُزيل الأخلاقَ الذَّميمة، وتحصِّلُ الأخلاقَ الحميدةَ، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ [العنكبوت: ٦٩] أي: مناهجنَا الحميدة، وأصلُ المجاهدةِ (٧) ومَلاكها (٨) فطمُ النَّفس عن المألوفاتِ، وحملها على


(١) في (د): «أنه».
(٢) في (ص) و (ع) و (ل): «أنس».
(٣) «عن النَّبيِّ فيكون من مسند أنسٍ»: ليست في (ص).
(٤) «وفي»: ليست في (ص) و (ع).
(٥) «منه»: ليست في (د).
(٦) في (ع): «المؤذي».
(٧) «وأصل المجاهدة»: ليست في (ب).
(٨) في (ب): «أملاكها».

<<  <  ج: ص:  >  >>