للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كانت مُفارقة الرُّوح الجسدَ (١) لا تحصلُ له (٢) إلَّا بألمٍ عظيمٍ جدًّا، والله تعالى يكرهُ أذى المؤمن أطلقَ على ذلك الكراهة، ويحتملُ أن تكون المساءةُ بالنِّسبة إلى طولِ الحياة؛ لأنَّها تؤدِّي إلى أرذلِ العمر، وتنكيسِ الخَلْق والرَّدِّ إلى أسفل سافلين، وفي ذلك دَلالةٌ على شرفِ الأولياء ورفعةِ منزلَتهم حتَّى لو تأتَّى أنَّه تعالى (٣) لا يُذيقهم الموت الَّذي حتَّمه على عباده لفَعَلٍ، ولهذا المعنى ورد لفظ التَّردُّد، كما أنَّ العبد إذا كان له أمرٌ لابدَّ له أن يفعلَه بحبيبهِ لكنَّه يؤلمهُ فإن (٤) نظرَ إلى أَلمه انكفَّ عن الفعل، وإن نظرَ إلى أنَّه لا بدَّ له منه لمنفعتهِ (٥) أَقدم عليه، فيُعبّر عن هذه الحالة في قلبه بالتَّردُّد، فخاطب الله الخَلق بذلك على حسبِ ما يعرفون (٦)، ودلَّهم به على شرفِ الوليِّ عندهُ ورفعة درجتهِ.

وهذا الحديث في سندهِ خالد بن مخلدٍ القطوانيُّ، قال الذَّهبيُّ في «الميزان»: قال أبو داود: صدوقٌ، وقال أحمد: له مناكير، وقال أبو حاتم: يكتبُ حديثُه ولا يحتجُّ به، وقال ابنُ سعدٍ: منكر الحديثِ مفرطُ التَّشيُّع، وذكره ابن عُدي ثمَّ ساق له عشرة أحاديث استنكرها، وممَّا انفردَ به ما رواه البخاريُّ في «صحيحه» عن ابن (٧) كرامةَ عنه. وذكر حديث الباب: «من عادى لي وليًّا … » إلى آخره، ثمَّ قال: فهذا حديثٌ غريبٌ جدًّا لولا هيبة «الجامع الصَّحيح» لعدُّوه في مُنكرات خالد؛ وذلك لِغرابة لفظه، ولأنَّه ممَّا تفرَّد به شريكٌ وليس بالحافظ، ولم يُروَ هذا المتنُ إلَّا بهذا الإسناد، ولا خرَّجه من عدا البخاريِّ، ولا أظنُّه في «مسند أحمد». انتهى.

وتعقَّبه الحافظُ ابن حجرٍ فقال: إنَّه ليس في «مسند أحمد» جزمًا، وإطلاق أنَّه لم يُروَ إلَّا بهذا الإسناد مردودٌ، و (٨) بأنَّ شريكًا شيخَ شيخِ خالد فيه مقال أيضًا، لكن للحديثِ طُرقٌ يدلُّ مجموعها على أنَّ له أصلًا منها عن عائشة أخرجه أحمد في «الزُّهد» وابن أبي الدُّنيا وأبو نُعيم


(١) في (د): «للجسد».
(٢) «له»: ليست في (د).
(٣) في (د): «أن الله».
(٤) في (د): «فإذا».
(٥) في (د): «لمعرفته».
(٦) في (د): «يعرفونه».
(٧) هكذا في (ب) و (س) وهو الصواب، وفي الأصول الخطية: «أبي».
(٨) «و»: ليست في (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>