للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال في «الفتح»: وفي قوله: «أحبَّ اللهُ لقاءهُ» العدولُ عن الضَّمير إلى الظَّاهر تفخيمًا وتعظيمًا ودفعًا لتوهُّم عود الضَّمير على الموصول؛ لئلَّا يتَّحد في الصُّورة المبتدأ والخبر، ففيهِ إصلاحُ اللَّفظ لتصحيحِ المعنى، وأيضًا فعودُ الضَّمير على المُضاف إليه قليلٌ.

وقال ابنُ الصَّائغ في «شرح المشارق»: يُحتمل أن يكون لقاء الله مضافًا للمفعولِ فأقامه مقامَ الفاعل، و «لقاءَه» إمَّا مضافٌ للمفعول والفاعلُ (١) الضَّمير، أو للموصوف؛ لأنَّ الجواب إذا كان شرطًا فالأولى أن يكون فيه ضميرٌ. نعم هو موجودٌ هنا ولكن تقديرًا (٢).

(قَالَتْ عَائِشَةُ -أَوْ: بَعْضُ أَزْوَاجِهِ-) ورضي اللهُ عنهنَّ بـ «أو» للشَّكِّ، وجَزم سعد بن هشامٍ في روايتهِ عن عائشة بأنَّها هي الَّتي قالت ذلك ولم يتردَّد (إِنَّا لَنَكْرَهُ المَوْتَ) ظاهره أنَّ المراد بلقاءِ الله في الحديث الموت، وليس كذلك؛ لأنَّ لقاءَ الله غيرُ الموت؛ يدلُّ عليه قوله في الرِّواية الأخرى: «والموت دون لقاء الله» لكن لمَّا كان الموت وسيلةً إلى لقاءِ الله عبَّر عنه بلقاءِ الله؛ لأنَّه لا يصلُ إليه إلَّا بالموت.

قال حسَّانُ بن الأسود: الموتُ جسرٌ يوصلُ الحبيبَ إلى حبيبهِ.

(قَالَ) : (لَيْسَ ذَاكِ) بغير لام مع كسر الكاف، ولأبي ذرٍّ: «ذلك» (وَلَكِنَّ المُؤْمِنَ) بتشديد نون «لكنَّ» ولأبي ذرٍّ: «ولكنْ المؤمنُ» بالتَّخفيف ورفع «المؤمنُ» (إِذَا حَضَرَهُ المَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللهِ) ﷿ (وَكَرَامَتِهِ) بضم الموحدة وكسر الشين المعجمة المشددة (فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ) بفتح الهمزة، أي: ممَّا يستقبلُه بعد الموت (فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ) ﷿ (وَأَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ).

وفي حديث حميدٍ عن أنسٍ المرويِّ عند أحمدَ والنَّسائيِّ والبزَّار: «ولكنَّ المؤمنَ إذا حضرَ جاءهُ البشيرُ من الله، وليس شيءٌ أحبَّ إليه مِن أن يكون قد لقيَ الله فأحبَّ الله لقاءَهُ».

وفي رواية عبد الرَّحمن بن أبي ليلى: حدَّثني فلان بن فلانٍ: أنَّه سمعَ رسول الله … الحديث. وفيه: «ولكنَّهُ إذا حُضِرَ: ﴿فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ. فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ﴾ [الواقعة: ٨٩ - ٩٠] فإذا


(١) في (ع) و (د): «أو الفاعل».
(٢) قال الشيخ قطَّة رحمه الله تعالى: قوله: «وقال ابنُ الصَّائغ» إلى «ولكن تقديرًا» هذه العبارة لا يخفى ما فيها من الركاكة، وهي ساقطة من أغلب النسخ. انتهى. قلنا: وهي ثابتة في نسخنا كلّها.

<<  <  ج: ص:  >  >>