للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ألفٌ» بزيادة (١) واحدٍ عمَّا ذُكر من تفصيل الألف فيُحتمل -كما في «الفتح» - أن يكون من جبر الكسر، والمراد: أنَّ من يأجوج ومأجوج تسع مئةٍ وتسعة وتسعون أو ألفًا إلَّا واحدًا، وأمَّا قوله: «ومِنكم رجلٌ» فتقديره: والمُخرَج منكم رجلٌ، أو منكم رجلٌ مُخرجٍ. وقال القُرطبيُّ: قوله: «من يأجوج ومأجوج ألفٌ» أي: منهم وممَّن كان على الشِّرك مِثلهم، وقوله: «ومنكم رجلٌ»؛ يعني: من أصحابه ومَن كان مؤمنًا مِثلهم. وحاصله -كما في «الفتح» -: أنَّ الإشارة بقوله: منكم، إلى المسلمين من جميع الأُمم، وقد أشار إلى ذلك في حديثِ ابن مسعودٍ بقوله: إنَّ الجنَّة لا يدخُلها إلَّا نفسٌ مسلمةٌ. قال في «الفتح»: ووقع في بعض الشُّروح أنَّ لبعض الرُّواة: «فإنَّ منكم رجلًا ومن يأجوجَ ومأجوج ألفًا» بالنَّصب فيهما.

قلتُ: وكذا هو في «المصابيح» كـ «التَّنقيح» وقال الزَّركشيُّ: إنَّه مفعولٌ بـ «أَخْرج» المذكور في أوَّل الحديث، أي: فإنَّه يخرجُ (٢) منكم كذا، قال البدر الدَّمامينيُّ: ومراده: أنَّه مفعولٌ بفعلٍ يدلُّ عليه «أَخرج» المذكور أوَّلًا؛ إذ لا يتصوَّر أن يكون مفعولًا بنفس ذلك الفعل، ففي عبارته تساهلٌ ظاهرٌ، ثمَّ إعرابه على هذا الوجه يقتضِي حذف الضَّمير المنصوب بـ «أنَّ» وهو عندهم قليلٌ، وابن الحاجب صرَّح بضَعفه مع أنَّه لا داعي إلى ارتكابهِ، وإنَّما الإعرابُ الظَّاهر فيه أن يكون «رجلًا» اسم «إنَّ»، و «منكم» خبرها مُتعلِّقٌ بـ «يَخرج» أي: فإنَّ رجلًا يخرج منكم، و «من يأجوج ومأجوج» معطوفٌ على «منكم»، و «ألفًا» معطوفٌ على «رجلًا».

ثمَّ قال: فإنَّ قلت: إنَّما يقدَّر مُتعلَّق الظَّرف والجارّ والمجرور المخبر بهما مثلًا كونًا مطلقًا كالحصولِ والوجود كما قدَّره النُّحاة، فكيف قدرته كونًا خاصًّا، وهل هذا إلَّا عدولٌ عن طريقتهم فما السَّبب فيه؟ وأَجاب (٣) بأنَّ تمثيلَ النُّحاة بالكون والحصولِ إنَّما كان لأنَّ غرضَهم لم يتعلَّق بعاملٍ بعينهِ، وإنَّما تعلَّق بالعاملِ من حيث هو عاملٌ، وإلَّا فلو كان المقام يقتضِي تقديرًا خاصًّا لقدَّرناه.

ألا ترى أنَّه لو قيل: زيد على الفرسِ، لقدَّرت: راكب، وهو أحسن (٤) من تقدير: حاصلٍ،


(١) في (د): «زيادة».
(٢) في (ص): «مخرج».
(٣) في (ع): «أجيب».
(٤) في (س): «أمس».

<<  <  ج: ص:  >  >>