للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يلي الجنَّة. قال القرطبيُّ: وهؤلاء المؤمنون هُم الَّذين عَلم الله أنَّ القصاصَ لا يَستَنفد حسناتهم. وقال في «الفتح»: ولعلَّ أصحابَ الأعرافِ منهم على القولِ الرَّاجح، قال: وخرج من هذا صِنفان: مَن دخلَ الجنَّة بغير حسابٍ، ومَن أَوبقه عملُه من الموحِّدين، وأمَّا النَّاجون فقد يكون عليهم تبعات فيخلُصون ولهم حسناتٌ توازيها (١) أو تزيدُ عليها (فَيُقَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، مَظَالِمُ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا) بضم التَّحتية وفتح القاف مِن «يُقَصُّ» مبنيًّا للمفعول، ولأبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ: «فيُقْتَصُّ» بضم التحتية وسكون القاف (٢) وزيادة فوقية مفتوحة بعدها، كذا في الفرع بضم التَّحتية. وقال الحافظُ ابن حجر وتَبعه العينيُّ: بفتحها، فتكون اللَّام على هذه الرِّواية زائدةً، أو الفاعلُ محذوفٌ، وهو الله تعالى، أو مَن أقامه في ذلك، وفي رواية (٣) شيبان عن قتادة السَّابقة في «المظالم» [خ¦٢٤٤٠] «فيقتصُّ بعضُهم من بعضٍ» (٤) (حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا) بضم الهاء وكسر الذال المعجمة المشددة بعدها موحدة، من التَّهذيب (وَنُقُّوا) بضم النون والقاف المشددة، من التَّنقية، وأصله: نُقِّيوا، استثقلت الضمة على الياء فنُقلت إلى سابقتها بعد حذف حركتها. وقال الجوهريُّ: التَّهذيب كالتَّنقية، ورجلٌ مهذَّبٌ، أي: مُطهَّر الأخلاق، فعلى هذا قوله: «ونقُّوا» تفسير لقوله: «هُذِّبوا» وأَدْخَلَ واو العطف بين المفسِّر والمفسَّر، والمراد: التَّخليص من التَّبعات فإذا خلصوا منها (أُذِنَ لَهُمْ) بضم الهمزة وكسر المعجمة (فِي دُخُولِ الجَنَّةِ) وليس في قلوبِ بعضِهم على بعضٍ غلٌّ، أي: حقدٌ كامنٌ (٥) في قلوبهم بل ألقَى الله فيها التَّوادَّ والتَّحابَّ (فَوَ) الله (الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لأَحَدُهُمْ) بفتح اللام للتَّأكيد، و «أحدٌ» مبتدأٌ خبره قوله: (أَهْدَى بِمَنْزِلِهِ فِي الجَنَّةِ مِنْهُ بِمَنْزِلِهِ) الَّذي (كَانَ فِي الدُّنْيَا). قال في «شرح المشكاة» -فيما قرأته فيه-: «هدى» لا يتعدَّى بالباء بل باللَّام وإلى. فالوجه أن يضمَّن معنى اللُّصوق، أي: ألصق بمنزله هاديًا إليه. قال: وفي معناه قوله تعالى: ﴿يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ﴾ [يونس: ٩] أي: يهديهم في الآخرة بنورِ إيمانهم إلى طريق


(١) في (س): «توازنها».
(٢) في (د) زيادة: «مبنيًّا للمفعول».
(٣) في (د): «ورواية».
(٤) لفظ الحديث هناك: «فيتقاصُّون مظالم كانت بينهم».
(٥) في (د): «كائن».

<<  <  ج: ص:  >  >>