للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنَّهم يقربون من الحوضِ بحيث يرونَهُ ويرومونه (١)، فيُدفعون في النَّار قبل أن يخلصُوا من بقيَّة الصِّراط، فليتأمَّل.

وأما قول (٢) صاحب «التَّذكرة»: والصَّحيح أنَّ له حوضين: أحدهما في الموقف قبل الصِّراط، والآخر داخل الجنَّة، وكلاهما (٣) يسمَّى كوثرًا، متعقَّبٌ (٤) بأنَّ الكوثر نهرٌ داخل الجنَّة وماؤه يصبُّ (٥) في الحوضِ، ويُطلق على الحوض كوثرٌ لكونه يُمَدُّ منه، وفي حديث أبي ذرٍّ -عند مسلمٍ-: «أنَّ الحوضَ يشخبُ فيه ميزابان من الجنَّة»، وقد سبق أنَّ الصِّراط جسر جهنَّم وأنَّه بين الجنَّة والموقف، فلو كان الحوض دونهُ لحالت النَّار بينه وبين الماء الَّذي يصبُّ من الكوثرِ في الحوض، والله أعلم.

وفي التِّرمذيِّ عن سَمُرة رفعه: «إنَّ لكلِّ نبيٍّ حوضًا» وأشار إلى أنَّه اختلف في وصله وإرساله، وأنَّ المرسل أصحُّ، والمرسل أخرجه ابن أبي الدُّنيا بسندٍ صحيحٍ عن الحسن قال: قال رسول الله : «وإنَّ لكلِّ نبيٍّ حوضًا وهو قائِمٌ على حوضهِ بيدهِ عصا يدعُو من عرفَ من أمَّتهِ إلَّا أنَّهم يتباهونَ أيُّهم أكثر تبعًا، وإنِّي لأرجُو أن أكونَ أكثرهُم تبعًا» وأخرجهُ الطَّبرانيُّ من وجهٍ آخر عن سَمُرةَ موصولًا مرفوعًا مثله وفي سنده لينٌ، وعند ابنِ أبي الدُّنيا عن أبي سعيدٍ رفعه: «وكلُّ نبيٍّ يدعُو أمَّتهُ، ولكلِّ نبيٍّ حوض … » الحديث. وفي إسناده لينٌ، فالمختصُّ به نبيُّنا محمَّد الكوثر الَّذي يصبُّ من مائه في حوضهِ، ولم ينقلْ نظيره لغيرهِ، ولذا امتنَّ الله تعالى عليه به في التَّنزيل.

(وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ [الكوثر: ١]) وهو فَوْعل، من الكثرة، وهو المفرطُ الكثرة، واختُلف في تفسيرهِ فقيل: نهرٌ في الجنَّة، وهو المشهورُ المستفيضُ عند السَّلف والخَلَف، وقيل: أولاده؛ لأنَّ السُّورة (٦) نزلتْ ردًّا على من عابهُ بعدمِ الأولاد، وقيل: الخيرُ


(١) في (د) و (س): «يرون»، وفي (ص): «يمرون».
(٢) في (د): «وقول».
(٣) في (ص): «كلًّا منهما»، وفي (د): «وكلّ منهما».
(٤) في (د) و (ص) و (ع) و (ج) و (ل): «فتعقب».
(٥) في (ص): «ينصب».
(٦) في (ص): «الآية».

<<  <  ج: ص:  >  >>