للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(بِيَدَيْهِ) استُدِلَّ به على مشروعيَّة التَّثليث، وهو سُنَّةٌ عند الشَّافعيَّة كالوضوء، فيغسل رأسه ثلاثًا بعد تخليله في كلِّ مرَّةٍ، ثمَّ شقَّه الأيمن ثلاثًا، ثمَّ شقَّه (١) الأيسر ثلاثًا، وقال الباجيُّ من المالكيَّة: والثَّلاث يحتمل أنَّها لما جاء من التَّكرار، وأنَّها مُبالَغَةٌ لإتمام الغسل إذ قد لا تكفي الواحدة، وخصَّ الشَّيخ خليلٌ الثَّلاث بالرَّأس، وقوله: «غُرَفٍ» جمع غُرفةٍ بالضَّمِّ، وهي: ملء الكفِّ، وللأَصيليِّ: «غرفاتٍ» وهي الأصل في مُميَّز الثَّلاثة؛ لأنَّه جمع قلَّةٍ، فـ «غرف» حينئذٍ من إقامة جمع الكثرة موضع القلَّة، أو أنَّه جمع قلَّةٍ عند الكوفيِّين كعشر سور وثماني حججٍ (ثُمَّ يُفِيضُ) ، أي: يسيل (المَاءَ (٢) عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ) أكدَّه بلفظ: «الكلِّ» ليدلَّ على أنَّه عمَّ (٣) جميع جسده بالغسل بعدما تقدَّم، وفيه: دلالةٌ على أنَّ الوضوء قبل الغسل سُنَّةٌ مستقلَّةٌ، ولا يُفهمَ منه الدَّلك، وهو مُستحَبٌّ عند الشَّافعيَّة والحنفيَّة والحنابلة، وأوجبه المالكيَّة في المشهور عندهم، وقِيلَ: واجبٌ لا لنفسه، واحتجَّ ابن بطَّالٍ للوجوب بالإجماع على وجوب (٤) إمرار اليد على أعضاء الوضوء عند غسلها، فيجب ذلك في الغسل قياسًا لعدم الفرق بينهما، وأُجِيب بأنَّ جميع من لم يوجبِ (٥) الدَّلك أجازوا غمس اليد في الماء للمتوضِّئ من غير إمرارٍ، فبطل الإجماع وانتفتِ المُلازَمَة.

ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين تِنِّيسيٍّ وكوفيٍّ، وفيه: التَّحديث والإخبار والعنعنة، وأخرجه مسلمٌ، والنَّسائيُّ، وأبو داود.


(١) «شقَّه»: سقط من (د) و (م).
(٢) «الماء»: سقط من (د).
(٣) في (د) و (م): «عمَّم».
(٤) في (ج): «بوجوب».
(٥) في (م): «يوجبوا».

<<  <  ج: ص:  >  >>