للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يتلبَّس، أي: يتلبَّس بعملِ (١) أهل النَّار (حَتَّى مَا يَكُونَُ) نصب بـ «حتَّى» و «ما» نافية غير مانعة لها من العملِ، وجوَّز بعضُهم كون «حتَّى» ابتدائية فيكون رفعٌ وهو الَّذي في «اليونينيَّة» (بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا غَيْرُ بَاعٍ -أَوْ: ذِرَاعٍ (٢) -) برفع «غير» (فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ) ما تضمَّنه (الكِتَابُ) بفاء التَّعقيب المقتضيةِ لعدمِ المهلةِ، وضمَّن «يسبقُ» معنى يغلبُ، و «عليه» في موضعِ نصبٍ على الحالِ، أي: يسبق المكتوب واقعًا عليه (فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا) والمعنى: أنَّه يتعارض عمله في اقتضاء الشَّقاوة والمكتوب في اقتضاء السَّعادة، فيتحقَّق مُقتضى المكتوب فعبَّر عن ذلك بالسَّبق؛ لأنَّ السَّابق يحصلُ مُراده دون المسبوق (٣) (وَإِنَّ الرَّجُلَ) ولم يقل: «إن (٤) أحدكم أو الرَّجل» على الشَّكِّ كما سبق (لَيَعْمَلُ) بلام التَّأكيد (بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ) من الطَّاعات (حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا) وبين (٥) الجَنة (غَيْرُ ذِرَاعٍ) برفع «غيرُ» (أَوْ ذِرَاعَيْنِ) ولأبي ذرٍّ: «أو باع» بدل: «ذراعين» والباع قدر مَدِّ اليدين (فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ) أي: مكتوب الله، وهو القضاءُ الأزليُّ (فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، فَيَدْخُلُهَا، قَالَ) ولأبوي ذرٍّ والوقتِ: «وقال» (آدَمُ) بن أبي إياسٍ، ممَّا وصله في «التَّوحيد» [خ¦٧٤٥٤] (إِلَّا ذِرَاعٌ) فلم يشكَّ، ولأبي ذرٍّ عن المُستملي والحَمُّويي: «إلَّا باع» بدل: «ذراع»، والتَّعبير بالذِّراع تمثيلٌ بقرب حاله من الموتِ، فيُحال بينه وبين المقصودِ بمقدار ذراعٍ أو باعٍ من المسافةِ، وضابطُ ذلك الحسِّيِّ الغَرْغَرةُ الَّتي جعلتْ علامةً لعدمِ قبول التَّوبة، وقد ذكر في هذا الحديث أهل الخير صرفًا إلى الموت (٦) لا الذين خلَّطوا وماتوا على الإسلام، فلم يقصدْ تعميم أحوال المكلَّفين بل أوردَه لبيان أنَّ الاعتبارَ بالخاتمةِ، ختمَ الله أعمالَنا بالصَّالحات بمنِّه وكرمهِ.


(١) في (د): «معنى يتلبس في عمله»، وفي (ص): «معنى يتلبس في عمل».
(٢) «أو ذراع»: ليست في (د).
(٣) زيد في (د) و (ص) و (ل): «وقوله يكون»، ثمَّ ضرب على «يكون» في (د).
(٤) في (س): «وإن».
(٥) في (س): «أي».
(٦) في (د) زيادة: «وأهل الشر صرفًا إلى الموت». وهي ثابتة في الفتح مصدر نقل المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>