للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عنه، مرفوعًا: «إنَّ الله ﷿ خلقَ خلقهُ في ظلمةٍ، ثمَّ أَلقى عليهِم من نورِهِ، فمَن أصابَهُ مِن نورِهِ يومئذٍ اهتدَى، ومَن أخطأَهُ ضلَّ» فلذلكَ (١) أقولُ: جفَّ القلمُ على علمِ الله، والقائلُ: «أقول» هو عبدُ الله بن عمر، كما عند أحمدَ وابنِ حبَّان من طريقٍ أُخرى عن ابنِ الدَّيلميِّ (٢).

ويذكر أنَّ عبدَ الله بنَ طاهر أمير خُراسان للمأمونِ سألَ الحسين بنَ الفضلِ عن قولهِ تعالى: ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ [الرحمن: ٢٩] وقولهِ : «جفَّ القلمُ» فقال: هي شُؤون يبدِيها لا شُؤون يبتدِيها، فقامَ إليه وقبَّل رأسه.

(وقولهِ) تعالى: (﴿وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلَى عِلْمٍ﴾ [الجاثية: ٢٣]) حالٌ من الجلالة، أي: كائنًا على علمٍ منه، أو حالٌ من المفعول، أي: أضلَّه وهو عالمٌ، وهذا أشنع له، فعلى الأوَّل المعنى: أضله الله تعالى على علمهِ في الأزلِ وهو حكمُه عند ظهورهِ، وعلى الثَّاني: أضلَّه بعد أن أعلمَه وبيَّن له فلم يقبلْ.

(وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ) ، ممَّا وصله المؤلِّف في أوائل «النِّكاح» [خ¦٥٠٧٦] (قَالَ لِي النَّبِيُّ : جَفَّ القَلَمُ بِمَا أَنْتَ لَاقٍ) وعند الطَّبرانيِّ من حديثِ ابن عبَّاس: «واعلمْ أنَّ القلمَ قدْ جفَّ بما هوَ كائنٌ»، وفي حديث الحسن بن عليٍّ عند الفِريابيِّ: «رُفِع الكتابُ وجفَّ القلمُ».

(قَالَ) ولأبي ذرٍّ: «وقال» (ابْنُ عَبَّاسٍ) في تفسير قولهِ تعالى: (﴿لَهَا سَابِقُونَ﴾) من قولهِ تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾ [المؤمنون: ٦١] ممَّا وصله ابنُ أبي حاتم من طريق عليِّ بن أبي طلحة عنه، أي: (سَبَقَتْ لَهُمُ السَّعَادَةُ) أي: يرغبون في الطَّاعات، فيبادرُونها بما سبقَ لهم من السَّعادة بتقديرِ الله، وقال (٣) الكِرْمانيُّ: فإن قلت: تفسير ابن عبَّاس يدلُّ على أنَّ السَّعادة (٤) سابقة، والآية على أنَّ السَّعادة مسبوقةٌ؟ وأجابَ بأنَّ معنى الآية: أنَّهم سبقوا لأجلِ السَّعادة لا أنَّهم سَبقوا السَّعادة.


(١) في (ع): «فكذلك».
(٢) في (د): «عن الديلمي».
(٣) في (س): «قال».
(٤) في (ص) و (ع) و (ل): «الآية».

<<  <  ج: ص:  >  >>