للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بسببِ أبيه (كَمَا) حالٌ من الضَّمير المنصوب في «يهودانهِ» مثلًا، أي: يهودان المولودَ بعد أن خُلِق على الفطرةِ، كما (تُنْتِجُونَ البَهِيمَةَ) سليمةً، بضم الفوقية الأولى وكسر الثانية بينهما نون ساكنة وضم الجيم، من الإنتاج، يقال: أنتجتِ النَّاقة، إذا أعنتَها على النِّتاج، وقال في «المغرب»: نتَجَ النَّاقة يُنْتِجها نتجًا، إذا وليَ نِتَاجها حتَّى وضعَتْ فهو ناتِجٌ، وهو للبهائمِ كالقابلةِ للنِّساء، أو «كما» صفةُ مصدر (١) محذوف، أي: يغيِّرانه تغييرًا مثل تغييرِهم البهيمةَ السَّليمة، فـ «يُهوِّدانه» و «ينصِّرانه» تنازعًا في «كما» على التَّقديرين (هَلْ تَجِدُونَ فِيهَا) في البهيمةِ (مِنْ جَدْعَاءَ) بفتح الجيم وسكون الدال المهملة والمدِّ، مقطوعةَ الأطرافِ أو أَحَدِها (٢) في موضعِ الحال على التَّقديرين، أي: بهيمة سليمةً مقولًا في حقِّها هذا القول، وفيه نوع من التَّأكيد؛ يعني: أنَّ كلَّ من نظرَ إليها قال هذا القولَ لسلامتِها (حَتَّى تَكُونُوا أَنْتُمْ تَجْدَعُونَهَا) بفتح الفوقيَّة والدال المهملة بينهما جيم ساكنة، أي: تقطعونَ أطرافَها أو شيئًا منها، وشبَّه بالمحسوسِ المشاهدِ؛ ليفيدَ أنَّ ظهوره بلغَ في الكشفِ والبيان مبلغَ هذا المحسوسِ المشاهدِ، ومحصّله: أنَّ العالَم إمَّا عالَمُ الغيب أو عالَم الشَّهادة، فإذا نُزِّلَ الحديثُ على عالَمِ الغيب أشكل معناهُ، وإذا صُرف إلى عالَم الشَّهادة سهل تَعاطيه، فإذا نظرَ النَّاظر إلى المولودِ نفسه من غير اعتبار عالم الغيب، وأنَّه ولدَ على الفطرةِ من الاستعدادِ للمعرفةِ وقبول الحقِّ والتَّأبِّي عن الباطلِ، والتَّمييز بين الخطأِ والصَّواب حَكَمَ بأنَّه لو تركَ علَى ما هو عليهِ ولم يعتورْه من الخارجِ ما يصدُّه، استمرَّ على ما هو عليهِ من الفطرةِ السَّليمةِ، وانظرْ قتلَ الخضرِ الغلامَ؛ إذ كان باعتبارِ النَّظر إلى عالَم الغيبِ، وإنكار موسى عليه (٣) كان باعتبارِ عالَم الشَّهادة وظاهرِ الشَّرع، فلمَّا اعتذرَ الخضرُ بالعلمِ الخفيِّ الغائبِ أمسك موسى عن الإنكارِ، فلا عبرةَ بالإيمان الفطريِّ في أحكامِ الدُّنيا، وإنَّما يعتبرُ الإيمان الشَّرعيُّ المكتسب بالإرادةِ والفعلِ. انتهى. ملخّصًا من «شرح المشكاة».

(قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَفَرَأَيْتَ) أي: أخبرنا، من إطلاق السَّبب على المسبَّب؛ لأنَّ مشاهدةَ الأشياءِ طريقٌ إلى الإخبارِ عنها، والهمزة فيه مقرِّرة، أي: قد رأيت ذلك فأخبرنَا (مَنْ يَمُوتُ


(١) في غير (د): «المصدر».
(٢) في (ص): «أحدهما».
(٣) في (د) زيادة: «الصلاة والسلام».

<<  <  ج: ص:  >  >>