للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكاف وسكون اللام، يقال: وكَله إلى نفسهِ وَكْلًا ووكولًا، وهذا الأمر موكولٌ إليَّ، ومنه قول النَّابغة:

كِلِيْنِي لِهَمٍّ يَا أُمَيْمَةُ نَاصِبِ … وَلَيْلٍ أُقَاسِيهِ بَطِيءِ الكَوَاكِبِ

أي: إنَّ الإمارةَ أمرٌ شاقٌّ لا يخرجُ عن (١) عهدتهَا إلَّا أفرادٌ (٢) من الرِّجال، فلا تسألها عن تشوُّفِ نفسٍ، فإنَّك إن سألتَها تُرِكتَ معها فلا يُعينك الله عليها، وحينئذٍ فلا يكون فيهِ كفايةٌ لها، ومن كان هذا شأنُه لا يُولَّى (وَإِنْ أُوتِيتَهَا مِنْ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: «وإنَّك إنْ أُوتيتها عن» (غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا) و «عن» يحتملُ أن تكون بمعنى الباء، أي: بمسألة، أي: بسببِ مسألةٍ، قال امرؤُ القيس:

تَصُدُّ وتُبْدِي عَن أَسِيلٍ وتَتَّقِي … بنَاظِرَةٍ مِن وَحْشِ وَجَرْةِ مُطْفِلِ

أي: بأسيل (وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى) محلوف (يَمِينٍ، فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ) ظاهره تقديم التَّكفير على إتيانِ المحلوف عليه، والرِّواية السَّابقة [خ¦٦٦٢٢] تأخيره، ومذهبُ إمامنا الشَّافعيِّ ومالك والجمهور جوازُ التَّقديم على الحنثِ لكن يستحبُّ كونها (٣) بعدَه، واستثنى الشَّافعيُّ التَّكفير بالصَّوم؛ لأنَّه عبادةٌ بدنيَّة فلا تقدَّم قبل وقتها كصومِ رمضان، واستثنى بعضُ أصحابه حنثَ المعصيةِ كأن حلفَ لا يَزني، لما في التَّقديم من الإعانةِ على المعصيةِ، والجمهور على الإجزاءِ؛ لأنَّ اليمين لا يحرِّم ولا يحلِّل، ومنعَ أبو حنيفة وأصحابه وأشهبُ من المالكيَّة التَّقديم. لنا قوله: «فكفِّرْ عن يمينِكَ وأتِ الَّذي هو خيرٌ».

فإن قيل: الواو لا تدلُّ على التَّرتيب، أُجيب برواية أبي داود والنَّسائيِّ: «فكفِّر عن يمينِكَ، ثمَّ ائتِ الَّذي هو خيرٌ»، فإن قلتَ: ما مناسبة هذه الجملة للسَّابقة؟ أُجيب بأنَّ الممتنع من الإمارةِ قد يؤدِّي به الحال إلى الحلفِ على عدمِ القبولِ مع كونِ المصلحة في ولايتهِ.


(١) في (ب): «من».
(٢) في (د): «الإفراد».
(٣) في (س): «كونه».

<<  <  ج: ص:  >  >>