للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهو جَهْد اليمين؛ لأنَّهم بذلوا فيها مجهودَهم، وجَهْد يمينهِ مستعارٌ من جهدَ نفسَه إذا بلغَ أقصَى وسعِها، وذلك إذا بالغَ في اليمينِ، وبلغ غايةَ شدَّتها ووكادتها، وعن ابن عبَّاس : مَن قال: بالله، فقد جهدَ بيمينهِ، وأصل «أقسمُ جهدَ اليمين» أقسمُ (١) بجهدِ اليمينِ جهدًا، فحذفَ الفعلَ، وقدَّم المصدرَ فوضعَ مَوضعه مضافًا إلى المفعول كقولهِ: ﴿فَضَرْبَ الرِّقَابِ﴾ [محمد: ٤] وحكمُ هذا المنصوب حكمُ الحال، كأنَّه قال: جاهدين أيمانهم.

(وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) ممَّا وصلهُ المؤلِّف مطوَّلًا في «كتاب التَّعبير» [خ¦٧٠٤٦] بلفظ: «إنَّ رجلًا أَتى النَّبيَّ فقال: إنِّي رأيتُ اللَّيلة في المنامِ ظُلَّةً (٢) تَنْطُف من السَّمن والعسل … » الحديثَ، وفيه تعبيرُ أبي بكر لها، وقوله للنَّبيِّ : فأخبرنِي يا رسولَ الله أصبْتُ أمْ أخطأتُ؟ فقال: «أصبتَ بعضًا، وأخطأْتَ بعضًا» (قَالَ أَبُو بَكْرٍ) الصِّدِّيق : (فَوَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ لَتُحَدِّثَنِي بِالَّذِي أَخْطَأْتُ فِي) تعبير (الرُّؤْيَا) لم يشدِّد في «اليونينيَّة» نون «لتُحدِّثنِي» (٣) (قَالَ) : (لَا تُقْسِمْ) وقوله هنا: «في الرُّؤيا» من كلامِ البخاريِّ إشارةً إلى ما اختصرَه من الحديثِ، والغرضُ منه قوله: «لا تقسمْ» إشارة إلى الرَّدِّ على من قال: إنَّ من قال: أقسمتُ، انعقدَ يمينًا، وقد أمرَ بإبرارِ المُقْسِمِ، فلو كانتْ «أقسمْتُ» يمينًا لأبرَّ أبا بكرٍ حين قالها.

وقال في «الكواكب»: إنَّما يندبُ إبرارُ المقسم عندَ عدمِ المانعِ، فكانَ له مانعٌ منه، وقيل: كان في بيانهِ مفاسد، كما يأتي إن شاء الله تعالى في «التَّعبير» [خ¦٧٠٤٦] بمعونةِ الله تعالى. وقال الشَّافعيَّة: لو قال: أقسمتُ، أو أقسمُ، أو حلفتُ، أو أحلفُ بالله لأفعلنَّ كذا، فهو (٤) يمين؛ لأنَّه عرف الشَّرع، قال تعالى: ﴿وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾ [الأنعام: ١٠٩] إلَّا إن نوى خبرًا ماضيًا في صيغةِ الماضي، أو مستقبلًا في المضارع، فلا يكون يمينًا لاحتمالِ ما نواهُ، وأمَّا قوله لغيرهِ: أقسمُ عليك بالله، أو أسألكَ بالله لتفعلنَّ كذا، فيمينٌ إنْ أرادَ يمينَ نفسِه، فيسنُّ للمخاطبِ إبراره فيها، بخلافِ ما إذا لم يُرِدْها، ويحملُ على الشَّفاعة في فعلهِ.


(١) «أقسم»: ليست في (ع).
(٢) في (س): «عكة».
(٣) «لم يشدد في اليونينية نون لتحدثني»: ليست في (ع) و (ص).
(٤) «فهو»: ليست في (ع) و (ص) و (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>