للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ) ولأبي ذرٍّ: «وإلى رسولهِ» «مَنْ» شرطيَّة موضعها (١) رفع بالابتداءِ، وبنيتْ لتضمُّنها معنى حرف الشَّرط، وخبرها في فعلِها، وقيل: في جوابها، وقيل: حيث كان الضَّمير العائد، وقيل: في فعلِها (٢) وجوابها معًا. و «كان» ناقصةٌ، اسمها «هِجْرَتُه» (٣) أي: مَن تبيَّن أو ظهرَ في الوجود أنَّ هجرته لله. و «إِلَى» لانتهاءِ الغاية، أي: إلى رضا الله ورسولهِ (فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ) ولأبي ذرٍّ: «وإلى رسولِهِ» الفاء سببيَّة وهي جواب الشَّرط، وجواب الشَّرط إذا كان جملةً اسميَّةً فلا بدَّ من الفاءِ أو «إذا» كقوله (٤) تعالى: ﴿وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ﴾ [الروم: ٣٦] وقاعدةُ الشَّرط وجوابه اختلافُهما، فيكون الجزاءُ غير الشَّرط نحو: مَن أطاعَ أُثيب، ومَن عصَى عُوقِبَ، ووقع هنا جملة الشَّرط هي جملةُ الجزاء بعينها (٥) فهي بمثابةِ قولك: مَن أكلَ أكلَ، ومن شربَ شربَ، وذلك غير مفيدٍ؛ لأنَّه من تحصيلِ الحاصلِ. وأُجيب بأنَّه وإن اتَّحدا (٦) في اللَّفظ لم يتَّحدا (٧) في المعنى، والتَّقدير: فمَن كانت هجرته إلى الله ورسوله قصدًا فهجرته إلى الله ورسوله ثوابًا وأجرًا. قال ابنُ مالك: من ذلك قوله في حديث حذيفةَ: «ولو مِتَّ متَّ على غيرِ الفطرةِ» [خ¦٧٩١] وجاز ذلك لتوقُّف الفائدةِ على الفضلةِ، ومنه قوله تعالى: ﴿إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ﴾ [الإسراء: ٧] فلولا قوله في الأول: «على غير الفطرة»، وفي الثَّاني: ﴿لِأَنفُسِكُمْ﴾ ما صحَّ، ولم يكن في الكلامِ فائدة.

(وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ) فهجرته جواب الشَّرط، ولم يقلْ: فهجرته إلى دنيا، كما قال في الشَّرط، والجزاء الأوَّل إشارة إلى تحقير الدُّنيا.

قال في «الفتح»: ومناسبةُ ذكر الحديث هنا أنَّ اليمين من جملة الأعمالِ، فيستدلُّ به على


(١) في (ع) و (د): «فمن شرطية في موضع».
(٢) قوله: «وقيل في جوابها، وقيل: حيث كان الضمير العائد، وقيل: في فعلها»: ليس في (د).
(٣) قوله: «في فعلها، وقيل: في جوابها … اسمها هجرته»: ليس في (ص).
(٤) العبارة في (ع) و (د): «الفاء سببية رابطة للجواب وقد تخلفها إذا الفجائية كما في قوله».
(٥) في (ع) و (ص) و (د): «بعينه».
(٦) في (ع) و (ص): «اتحد».
(٧) في (ع) و (ص): «فلم يتحد».

<<  <  ج: ص:  >  >>