للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(قَالَ: سَمِعْتُ) أبي (كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ فِي حَدِيثِهِ) الطَّويل في قصَّة تخلُّفه عن غزوةِ تبوك [خ¦٤٤١٨] المسوق هنا مختصرًا (﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ﴾ [التوبة: ١١٨] فَقَالَ فِي آخِرِ حَدِيثِهِ: إِنَّ مِنْ) شكر (تَوْبَتِي أَنِّي أَنْخَلِعُ) أي: أن أَعْرى (مِنْ مَالِي) كما يَعْرى الإنسانُ إذا خلعَ ثوبه (صَدَقَةً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ) «إلى» بمعنى اللام، أي: صدقةً خالصةً (١) لله ورسولهِ، أو تتعلَّق بصفةٍ مقدَّرة، أي: صدقةً واصلةً إلى الله، أي: إلى ثوابهِ وجزائهِ وإلى رسولهِ، أي: إلى رضاه وحكمه وتصرُّفه (فَقَالَ النَّبِيُّ : أَمْسِكْ) بكسر المهملة (عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهْوَ خَيْرٌ لَكَ) في «سنن أبي داود»: «مِن تَوْبتي إلى اللهِ أن أخرُجَ مِن مَالي كلِّه إلى اللهِ وإلى رسولهِ صدقةً، قال: لا. قلتُ: فنصفه؟ قال: لا (٢)، قلتُ: فثلثه؟ قال: نعم» والضَّمير عائدٌ على المصدر المستفاد من أَمْسِك، أي: إمساكُك بعض مالك خيرٌ لك من أن تتضرَّر (٣) بالفقر، والفاء في «فهو» جوابُ شرطٍ مقدَّر، أي: إن تمسك فهو خيرٌ لك.

واستُشكل إيرادُ هذا الحديث في «النُّذور» (٤)؛ لأنَّ كعبًا لم يصرِّح بلفظ النَّذر ولا بمعناه، والانخلاعُ الَّذي ذكرهُ ليس بظاهرٍ في صدورِ النَّذر منه، وإنَّما الظَّاهر أنَّه يؤكِّد أمر توبتهِ بالتصدُّق (٥) بجميع ماله شكرًا لله تعالى على ما أنعمَ به عليه، وأُجيب بأنَّ المناسبة للتَّرجمة أنَّ معنى التَّرجمة: أنَّ من أهدى أو تصدَّق بجميعِ ماله إذا تابَ من ذنبٍ، أو إذا نذر (٦) هل ينفذُ ذلك إذا نجَّزه أو علَّقه؟ وقصَّة كعبٍ هذه منطبقةٌ على التَّنجيز لكنه لم يصدرْ منه تنجيزٌ، وإنَّما استشار فأشيرَ عليه بإمساكِ البعض، واختلفَ في هذه المسألةِ فقيل: يلزمه الثُّلث إذا نذرَ التَّصدُّق بجميع مالهِ، وقيل: يلزمُه جميع (٧) ماله، وقيل: إن علَّقه بصفةٍ فالقياس إخراجُه كلِّه قاله أبو حنيفة، وقال: إن كان نذرَ تَبَرُّرٍ كإنْ شَفى الله مريضِي لزمهُ كلّه، وإنْ كان لَجَاجًا وغَضَبًا


(١) «خالصة»: ليست في (د).
(٢) «قلت فنصفه قال لا»: ليست في (س).
(٣) في (ع) و (ص): «تضرر».
(٤) في (ع) و (ص) و (د): «النذر».
(٥) في غير (د): «بالتَّصديق».
(٦) في (ع) و (د): «من ذنب ونذر».
(٧) في (ع): «بجميع».

<<  <  ج: ص:  >  >>