للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ونصفُه، ونصفُ نصفه، والثُّلثان، ونصفهما، ونصفُ نصفهما، كما مرَّ (١) (بِأَهْلِهَا) المستحقِّين لها بنصِّ القرآن، أي: أوجبوا الفرائضَ لأهلها، واحكمُوا بها لهم، وجاءت العبارةُ في أعلى درجات الفصاحةِ، وأسنَى غاياتِ (٢) البلاغةِ مع استعمال المجازِ فيها؛ لأنَّ المعنى نِيطوها بهم وألصِقُوها بمستحقِّيها (٣) (فَمَا) شرطيَّة في موضعِ رفع على الابتداءِ والخبر، قوله: (بَقِيَ فَهْوَ لأَوْلَى) بفتح الهمزة واللام بينهما واو ساكنة والفاء جواب الشَّرط، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: «فلأولى» (رَجُلٍ ذَكَرٍ) أقرب في النَّسب إلى المورِّث دون الأبعد، والوصف بالذُّكورة مع أنَّ الرَّجل لا يكون إلَّا ذكرًا للتوكيد، وتعقِّب بأنَّ العرب إنَّما تؤكِّد حيث يفيد فائدةً إمَّا تعيين المعنى في النَّفس، وإمَّا رفع توهم المجاز، وليس موجودًا هنا، وقيل: هذا التَّوكيد لمتعلَّق الحُكم وهو الذُّكورة؛ لأنَّ الرَّجل قد يُراد به معنى النَّجدة والقوَّة في الأمرِ، فقد حكى سيبويه: مررتُ برجلٍ رجلٌ أبوهُ، فلذا احتاج الكلام لزيادة التَّوكيد بذَكَرٍ حتَّى لا يُظَنَّ أنَّ المراد به خصوصُ البالغ، أو المراد به الاحترازُ عن الخُنثى، وتعقِّب بأنَّه لا يخرج عن كونهِ ذكرًا أو أنثى، أو للتَّنبيه على أنَّ الرُّجولية ليست هي المعتبرة بل مطلق الذُّكورة حتَّى يدخُلَ الصَّغير، قاله في «أساس البلاغة»، أو للتَّنبيه على سببِ الاستحقاقِ بالعصوبةِ، والتَّرجيح في الإرثِ يكون الذَّكر له مثلُ حظِّ الأنثيين؛ لأنَّ الرِّجال تلحقُهم مؤنٌ كثيرةٌ بالقتالِ والقيامِ بالضِّيفان والعيال (٤) ونحو ذلك، أو للتَّنبيه (٥) على نفي توهُّم اشتراك الأنثى، ولا يخفى بُعدُه، أو أنَّه خرجَ مخرجَ الغالبِ، ولا يخفى فسادُه؛ لأنَّ الرَّجلَ ذَكَرٌ لا أنَّ الغالبَ فيه الذُّكورة.

والحديث أخرجه مسلمٌ في «الفرائض» أيضًا، وكذا أبو داود والتِّرمذيُّ والنَّسائيُّ.


(١) أول كتاب الفرائض.
(٢) في (ع) و (ص) و (د): «غاية».
(٣) في (ع): «بمستحقّها»، وفي (د): «وألحقوها بمستحقّها».
(٤) «والعيال»: ليست في (د).
(٥) في (ع) و (ص): «التنبيه».

<<  <  ج: ص:  >  >>