للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّبيَّ أُتي برجلٍ شربَ الخمرَ، فضربهُ بجريدتين نحوًا من أربعين، ثمَّ صنعَ أبو بكرٍ مثل ذلك، فلمَّا كان عمرُ استشارَ النَّاس فقالَ له عبدُ الرَّحمن بن عوف: أخفُّ الحدودِ ثمانون، ففعلَه عمر».

وأخرجه مسلم والنَّسائيُّ أيضًا من طريقِ محمَّد بن جعفر، عن شعبة، مثل رواية آدم، إلَّا أنَّه قال: «وفعلَه أبو بكرٍ، فلمَّا كان عمرُ -أي: في خلافتهِ- استشارَ النَّاسَ، فقال عبد الرَّحمن -يعني (١): ابن عوف-: أخفُّ الحدود ثمانون، وأمر به عمر». ولم يقل عن النَّبيِّ : أربعين، نعم في رواية مسلم: «أنَّه كان يضربُ في الخمر بالنِّعال والجريدِ أربعين» وقوله في الرِّواية السَّابقة: «نحوًا من أربعين». قيل: لا بدَّ من تأويلهِ بأنَّه إنَّما عبَّر بـ «نحو» لعدم التَّساوي في الضَّرب والآلةِ، وإلَّا فالحدودُ إنَّما تكون محدودةً، وكون الرَّاوي حاكيًا ذلك عن واقعةٍ لا يلزم منه أن يكون تقريبًا بل تحديدًا، وإن (٢) كانَ الرَّاوي لم يحرِّر التَّحديد فيه فغايتُه أن يكونَ أربعين، فوجبَ القولُ بأنَّها الحدُّ، لا سيَّما وانضمَّ إليها رواية مسلم السَّابقة ونحوها ممَّا فيه الجزم بالأربعين، و «نحو» قد تأتي بمعنى: «مثل» وفي مسلم أيضًا من طريق معاذِ بن هشامٍ عن أبيه: «ثمَّ جلدَ أبو بكرٍ أربعين، فلمَّا كان عمرُ ودنا النَّاس من الرِّيف والقُرى، قال: ما ترون في جلدِ الخمرِ؟ فقال عبد الرَّحمن بن عوف: أرى أن تجعلَها (٣) كأخفِّ الحدود، قال: فجلدَ عمر ثمانين» والرِّيف -بكسر الراء-: كلُّ أرضٍ فيها زرعٌ ونخلٌ، أو ما قاربَ المياه من أرضِ العرب وغيرهَا، أو ما فيه زرعٌ وخصبٌ، أو هو الخصبُ والسِّعة في المأكلِ والمشربِ. وعند النَّسائيِّ من طريق يزيد بن هارون، عن شعبة: «فضربَهُ بالنِّعال نحوًا من أربعين، ثمَّ أَتى به أبو بكرٍ فصنعَ به مثلَ ذلك». ورواه همَّام عن قتادةَ بلفظ: «فأمر قريبًا من عشرين رجلًا، فجلدهُ كلُّ رجلٍ جلدَتين بالجريدِ». أخرجه أحمدُ والبيهقيُّ.

قال في «الفتح»: وبهذا يُجْمَع بين ما اختُلِف فيه على شُعبة، وأنَّ جملةَ الضَّربات كانت نحو أربعين بجريدَتين، فتكون الجملةُ ثمانين.


(١) «يعني»: ليست في (س).
(٢) في (ع) و (د): «لا سيما وإن» وسقطت من الموضع التالي.
(٣) في (ع): «نجعلها».

<<  <  ج: ص:  >  >>