وفتح الراء والجيم المشددة بعدها موحدة، اسم مفعول من قولك: رجَّبت النَّخلة ترجيبًا؛ إذا دعمتُها ببناءٍ أو غيره خشيةً عليها لكرامتها وطولها وكثرة حملها أن تقع (١)، أو ينكسر شيءٌ من أغصانها، أو يسقط شيءٌ من حملها، وقيل: هو ضمُّ أعذاقِها إلى سَعَفها وشدُّها بالخُوص؛ لئلَّا تنفُضها الرِّيح، أو هي وضع الشَّوك حولها؛ لئلَّا تصل إليها الأيدي المتفرِّقة (مِنَّا) معشرَ الأنصار (أَمِيرٌ، وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، فَكَثُرَ اللَّغَطُ) بفتح اللام والغين المعجمة، الصَّوت والجلبَةُ (وَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ حَتَّى فَرِقْتُ) بكسر الراء، خفتُ (مِنَ الاِخْتِلَافِ. فَقُلْتُ: ابْسُطْ يَدَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ) أبايعكَ (فَبَسَطَ يَدَهُ) وأخرج النَّسائيُّ من طريق عاصم عن زرِّ بن حبيشٍ -بسندٍ حسن- أنَّ عمر قال: يا معشرَ الأنصار ألستُم تعلمون أنَّ رسولَ الله ﷺ أمرَ أبا بكر أنَّ يؤمَّ بالنَّاس؟ فأيُّكم تطيبُ نفسه أن يتقدَّم أبا بكرٍ؟ فقالوا: نعوذُ بالله أنْ نتقدَّم أبا بكر، وعند التِّرمذيِّ وحسَّنه ابن حبَّان في «صحيحه» من حديث أبي سعيدٍ قال: قال أبو بكرٍ: ألستُ أحقَّ النَّاس بهذا الأمرِ؟ ألستُ أوَّل من أسلمَ؟ ألستُ صاحبُ كذا؟
وأخرج الذُّهليُّ في «الزُّهريَّات» بسندٍ صحيح عن ابن عبَّاس عن عمر قال: قلتُ: يا معشرَ الأنصار إنَّ أولى النَّاس بنبيِّ الله ثانيَ اثنينِ إذ هما في الغارِ، ثمَّ أخذتُ بيدِه (فَبَايَعْتُهُ، وَبَايَعَهُ المُهَاجِرُونَ، ثُمَّ بَايَعَتْهُ الأَنْصَارُ) بفوقية ساكنة بعد العين (وَنَزَوْنَا) بنون وزاي مفتوحتين، وثَبْنَا (عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ) لم يُسمَّ: (قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ) أي: صيَّرتموه بالخذلان وسلب القوَّة كالمقتول. قال عمر:(فَقُلْتُ: قَتَلَ اللهُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ) إخبارٌ عمَّا قدَّره الله تعالى من منعهِ الخلافةَ، أو دعاءٌ عليه لكونه لم ينصرِ الحقَّ، واستجيبَ له فقيل: إنَّه تخلَّف عن البيعةِ وخرج إلى الشَّام، فوجِدَ ميِّتًا في مغتسلهِ وقد اخضرَّ جسدُه، ولم يشعروا بموتهِ حتَّى سمعوا قائلًا يقول -ولا يرونه-: قد قتلنا سيِّد الخزرجِ سعدَ بن عُبادة فرميناهُ بسهمين فلم نُخْط فُؤاده.
(قَالَ عُمَرُ)﵁: (وَإِنَّا) بكسر الهمزة وتشديد النون (وَاللهِ مَا وَجَدْنَا فِيمَا حَضَرْنَا) بسكون الراء. قال الكِرْمانيُّ، وتبعَه البَرماويُّ والعينيُّ: أي: من دفنِ رسولِ الله ﷺ(مِنْ أَمْرٍ أَقْوَى مِنْ مُبَايَعَةِ أَبِي بَكْرٍ)﵁؛ لأنَّ إهمالَ أمرِ المبايعة كان يؤدِّي إلى الفسادِ الكليِّ، وأمَّا دفنُه ﷺ فكان العبَّاسُ وعليٌّ وطائفة مباشرين لذلكَ. وقال في «الفتح»: «فيمَا حضَرْنَا» بصيغة الفعل