للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من حديث رافع بن خديجٍ: أنَّ عليًّا أمر عمَّارًا أن يسأل النَّبيَّ عن المذيِ (١)، قال: «يغسل مذاكيره» أي: ذكره، وعنده أيضًا عن عليٍّ قال: كنت مذَّاءً وكنت إذا أمذيت اغتسلت، فسألتُ النَّبيَّ ، وهو عند التِّرمذيِّ عنه بلفظ: سألت النَّبيَّ عنِ المذي، وجمع ابن حبَّان بينهما بأنَّ عليًّا سأل عمَّارًا، ثمَّ أمر المقداد بذلك، ثمَّ سأل بنفسه، لكن صحَّح ابن بشكوال: أنَّ الذي سأل هو المقداد، وعُورِض بأنَّه يحتاج إلى برهانٍ، وقد دلَّ ما ذُكِرَ في الأحاديث السَّابقة أنَّ كلًّا منهما قد سأل، وأنَّ عليًّا كذلك سأل، لكن يعكِّر عليه أنَّه استحيا أن يسأل بنفسه لأجل فاطمة، فيتعيَّن الحمل على المجاز بأنَّ الراويَ أطلق أنَّه سأل لكونه الآمر بذلك (فَقَالَ) : (تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ) أي: ما أصابه من المذيِ كالبول، ويؤيِّده ما في (٢) رواية: «اغسله» أي: المذي، وكذلك رواية: «فرجه» والفرج: المخرج، وهذا مذهب الشَّافعيِّ والجمهور (٣)، وأخرجه ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبيرٍ قال: إذا أمذى الرَّجل غسل الحشفة وتوضَّأ وضوءه للصَّلاة، واحتجُّوا لذلك (٤) بأنَّ الموجب لغسله إنَّما هو خروج الخارج، فلا تجب المُجاوَزة إلى غير محلِّه، وفي روايةٍ عن مالكٍ وأحمد: يغسل ذكره كلَّه لظاهر الإطلاق في قوله: «اغسل ذكرك»، وهل غسله كلّه معقول المعنى أو للتَّعبُّد؟ وأبدى الطَّحاويُّ له حكمةً وهي: أنَّه إذا غسل الذَّكر كلَّه تقلَّص فبطل خروج المذيِ كما في الضَّرْع إذا غُسِل بالماء البارد يتفرَّق اللَّبن إلى داخل الضَّرْع فينقطع خروجه، وعلى القول بأنَّه للتَّعبُّد تجب النِّيَّة، واستدلَّ به ابن دقيق العيد على تعيُّن الماء فيه دون الأحجار ونحوها لأنَّ ظاهره تعيُّنُ الغسل، والمُعيَّن لا يقع الامتثال إلَّا به، وصحَّحه النَّوويُّ في «شرح مسلمٍ» وصُحِّح في غيره جواز الاقتصار على الأحجار إلحاقًا له بالبول، وحمل الأمر بغسله على الاستحباب،


(١) «عن المذيِ»: سقط من غير (ب) و (س).
(٢) «ما في»: سقط من (ص).
(٣) في (د): «المشهور».
(٤) في (م): «له».

<<  <  ج: ص:  >  >>