للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المفعول (مِنْهُمْ وَامْرَأَةً) تُسمَّى: بُسْرة -بضم الموحدة وسكون المهملة- (زَنَيَا) وقوله: منهم، يتعلَّق بمحذوفِ صفةٍ لرجلٍ، وصفةُ المرأة محذوفةٌ لدَلالة ما تقدَّم عليه، فالتَّقدير (١): وامرأة منهم، ويجوز أن يتعلَّق «منهم» بحال من ضمير الرَّجل والمرأة في زنيا، والتَّقدير: أنَّ رجلًا وامرأةً زنيا منهم، أي: في حال كونهما من اليهود، وعند أبي داود من طريق الزُّهريِّ: سمعت رجلًا من مزينة ممَّن تتبَّع العلم، وكان عند سعيد بن المسيَّب يُحدِّث عن أبي هريرة قال: زنى رجلٌ من اليهود بامرأةٍ، فقال بعضُهم لبعضٍ: اذهبوا بنَا إلى هذا النَّبيِّ فإنَّه بُعث بالتَّخفيف، فإن أفتانَا بفُتيا دون الرَّجم قبلناهَا واحتججنَا بها عند الله، وقلنا: فتيا نبيٍّ من أنبيائك، قال: فأتوا النَّبيَّ وهو جالسٌ في المسجد في أصحابه، فقالوا: يا أبا القاسم ما ترى في رجلٍ وامرأةٍ منهم زنيا؟ (فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ : مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ) «ما» مبتدأ من أسماء الاستفهام، و «تجدون» جملةٌ في محلِّ الخبر، والمبتدأ والخبر معمولٌ للقول، وتقديرُ الاستفهام: أيُّ شيءٍ تجدونه في التَّوراة، فيتعلَّق حرف الجرِّ بمفعول ثانٍ «لتجدون» (٢) (فِي شَأْنِ الرَّجْمِ)؟ إنَّما سألهم إلزامًا لهم بما يعتقدونهُ في كتابهم الموافق لحكمِ الإسلام إقامةً للحجَّة عليهم، وإظهارًا لما كتمُوه وبدَّلوه من حكم التَّوراة، فأرادوا تعطيلَ نصِّها ففضحَهم الله، وذلك إمَّا بوحي من الله إليه أنَّه موجودٌ في التَّوراة لم يغيَّر، وإما بإخبار من أسلم منهم كعبد (٣) الله بن سلام كما يأتي (فَقَالُوا: نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ) بفتح النون والمعجمة بينهما فاء ساكنة، أي: نجد أن نفضحهم ويجلدوا (٤)، فيكون «نفضحُهم» معمولًا (٥) على الحكاية لنجد المقدَّر، أي: ادَّعوا أنَّ ذلك في التَّوراة على زعمِهم وهم كاذبون، ويحتملُ أن يكون ذلك ممَّا فسَّروا به التَّوراة ويكون مقطوعًا عن الجواب، أي: الحكم عندنا أن نفضَحَهم ويُجلدوا، فيكون خبر مبتدأ محذوفٍ بتقدير: أن، وإنَّما أتى بأحد الفعلين مبنيًّا للفاعل، والآخر مبنيًّا للمفعول إشارةً إلى أنَّ الفضيحةَ موكولةٌ (٦) إليهم وإلى اجتهادهم بكشف (٧) مساوئهم. وفي رواية أيُّوب عن نافع في


(١) في (س): «والتقدير».
(٢) في (ع) و (د): «لوجد».
(٣) في (ع) و (ص) و (د): «عبد».
(٤) في (ع) و (ص) و (د) هنا وفي الموضع التالي: «يجلدون».
(٥) في (د): «معمول».
(٦) في (ع) و (ص) و (د): «موكلة».
(٧) في (س): «أي: نكشف».

<<  <  ج: ص:  >  >>