للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التجأَ (بِشَجَرَةٍ) مثلًا، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: «ثمَّ لاذَ منِّي بشجرةٍ» أي: منع نفسه منِّي بها (وَقَالَ: أَسْلَمْتُ لِلَّهِ) أي: دخلتُ في الإسلام (أأقْتُلُهُ بَعْدَ أَنْ قَالها؟) أي: كلمةَ: أسلمتُ لله (١) (قَالَ رَسُولُ اللهِ : لَا تَقْتُلْهُ) بالجزم بعد أن قالها (قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ فَإِنَّهُ طَرَحَ) أي: قطع بالسَّيف (إِحْدَى يَدَيَّ) بتشديد الياء (ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ) القول، وهو: أسلمتُ لله (بَعْدَ مَا قَطَعَهَا (٢) أأقْتُلُهُ (٣)؟) بهمزة الاستفهام كالسَّابق (قَالَ) (لَا تَقْتُلْهُ، فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ) قال الكِرْمانيُّ فيما نقله عنه في «الفتح»: القتلُ ليس سببًا؛ لكون كلٍّ منهما بمنزلة الآخرِ، لكنَّه مؤوَّلٌ عند النُّحاة بالإخبار، أي: هو سببٌ لإخباري لك (٤) بذلك، وعند البيانيِّين المرادُ لازمُه، كقولهِ: يباحُ دمُك إنْ عصيتَ، والمعنى: أنَّه بإسلامهِ معصوم الدَّم (٥)، فلا تُقطع يدُه بيدِك الَّتي قطعَها في حال كفرِه (وَأَنْتَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ) أسلمتُ لله (الَّتِي قَالَـ) ها، والمعنى -كما قاله الخطابيُّ-: إنَّ الكافر مباح الدَّم بحكم الدِّين قبل أن يُسلم، فإذا أسلمَ صار مُصان (٦) الدَّم كالمسلم، فإن قَتَلَه المسلم بعد ذلك صارَ دمُه مباحًا بحقِّ القصاصِ كالكافر بحقِّ الدِّين، وليس المرادُ إلحاقه به في الكفرِ كما تقول الخوارج من تكفيرِ المسلم بالكبيرةِ، وحاصلُه: اتِّحاد المنزلتين مع اختلافِ المأخذِ، فالأوَّل (٧): أنَّه مثلك في صون الدَّم، والثَّاني: أنَّك مثله في الهدرِ، وقيل: معناه: أنَّه مغفورٌ له بشهادةِ التَّوحيد كما أنَّك مغفورٌ لك بشهود (٨) بدرٍ، وفي مسلم من رواية مَعمر عن الزُّهْرِيِّ في هذا الحديث أنَّه قال: لا إله إلا الله.

وحديث الباب أخرجه مسلمٌ في «الإيمان»، وأبو داود في «الجهاد»، والنَّسائيُّ في «السِّيَر».


(١) هذه العبارة جاءت في (د) مشوَّشة على النحو التالي: «وَقَالَ: أَسْلَمْتُ لِلَّهِ؛ أي: كلمةَ أسلمتُ لله؛ أي: دخلتُ في الإسلام، أأقْتُلُهُ بَعْدَ أَنْ قَالها؟».
(٢) في (ص): «قالها».
(٣) في (ل): «آقتله؟».
(٤) في (ع): «لإخبار المشك».
(٥) في (د): «والمعنى: أنَّه معصوم بإسلامه».
(٦) في (ب) و (س): «مصون».
(٧) في (ص): «الأول».
(٨) في (ع): «بشهادة».

<<  <  ج: ص:  >  >>