للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التَّقدير: لا يحلُّ دمُ امرئٍ مسلمٍ (١) إلَّا امرأً متلبِّسًا بإحدى ثلاث خصالٍ، فمتلبِّسًا حال من امرئٍ، وجاز لأنَّه وصف (النَّفْسُ بِالنَّفْسِ) بالجرِّ والرَّفع، فيحلُّ قتلُها قصاصًا بالنَّفس الَّتي قتلها (٢) عدوانًا وظلمًا (٣)، وهو مخصوصٌ بولي الدَّم لا يحلُّ قتله لأحدٍ سواه، فلو قتلَه غيره لزمهُ القصاص، والباء في «بالنَّفس» للمقابلةِ (وَالثَّيِّبُ) أي: المحصن المكلَّف الحرُّ، ويُطلق الثَّيِّب على الرَّجل والمرأة بشرطِ التَّزوُّج والدُّخول (الزَّانِي) يحلُّ قتله بالرَّجم، فلو قتلَه مسلمٌ غير الإمام فالأظهرُ عند الشَّافعيَّة لا قصاصَ على قاتلهِ لإباحةِ دمهِ، والزَّاني بالياء على الأصل، ويروى بحذفِها اكتفاءً بالكسر كقولهِ تعالى: ﴿الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ﴾ [الرعد: ٩] (وَالمَارِقُ) الخارج (مِنَ الدِّينِ) وللأَصيليِّ وأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: «والمفارقُ لدينِهِ التَّارك له (٤)» (التَّارِكُ الجَمَاعَةَ) من المسلمين، ولأبي ذرٍّ وابن عساكرَ: «للجماعةِ» بلام الجرِّ. وفي «شرح المشكاة»: و «التَّارك للجماعةِ» صفةٌ مؤكِّدة «للمارقِ» أي: الَّذي تركَ جماعةَ المسلمين، وخرجَ من (٥) جملتِهم، وانفردَ عن (٦) زُمرتهم، واستدلَّ بهذا (٧) الحديث على أنَّ تارك الصَّلاة لا يُقتل بتركها لكونهِ ليس (٨) من الأمور الثَّلاثة، وقد اختُلف فيه، والجمهورُ على أنَّه يُقتل حدًّا لا كفرًا بعد الاستتابةِ، فإن تابَ وإلَّا قُتل، وقال أحمدُ وبعض المالكيَّة وابنُ خُزيمة من الشَّافعيَّة: إنَّه يكفرُ بذلك ولو لم يجحدْ وجوبَها. وقال الحنفيَّة: لا يكفرُ ولا يقتلُ؛ لحديث عبادةَ عند أصحاب «السُّنن» وصحَّحه ابن حبَّان مرفوعًا: «خمسُ صلواتٍ كتبهنَّ الله على العبادِ … » الحديثَ، وفيه: «ومَن لم يأتِ بهنَّ فليسَ له عندَ الله عهدٌ إنْ شاءَ عذَّبه، وإن شاءَ أدخلَه الجنَّة»، والكافرُ لا يدخلُ الجنَّة. وتمسَّك الإمام أحمد بظواهرِ أحاديث وردتْ في تكفيرِه، وحملها من خالفهُ على المستحلِّ جمعًا بين الأخبارِ، واستثنى بعضُهم مع الثَّلاثة قتلَ الصَّائل فإنَّه يجوزُ قتلهُ للدَّفع.


(١) «من امرئ فيكون التقدير لا يحل دم امرئ مسلم»: ليست في (د).
(٢) في (س): «قتلتها».
(٣) «وظلمًا»: ليست في (ع) و (ص) و (د).
(٤) في (د): «التارك لدينه».
(٥) في (س): «عن».
(٦) في (س): «من».
(٧) في (ع) و (د): «بذلك».
(٨) في (ع) و (د): «لكونها ليست».

<<  <  ج: ص:  >  >>