للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) (أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللهِ) أبغضُ أفعل التَّفضيل بمعنى المفعول، من البغض، وهو شاذٌّ، ومثلُه أَعْدَم من العَدَمِ؛ إذا افتقرَ، وإنَّما يُقال أفعلُ من كذا للمُفاضلةِ في الفعل الثَّلاثي.

وقال في «الصِّحاح»: وقولهم: ما أبغضه لي، شاذٌّ لا يُقاس عليه، والبغضُ من الله إرادةُ إيصال المكروهِ، والمراد بالناس: المسلمون (ثَلَاثَةٌ) امرؤ (مُلْحِدٌ) بضم الميم وسكون اللام وكسر الحاء بعدها دال مهملتين، مائلٌ عن القصد (فِي الحَرَمِ) المكيِّ. قال سفيان الثَّوريُّ في «تفسيرهِ» عن السُّديِّ عن مُرَّة عن عبد الله -يعني: ابنَ مسعود-: وما مِن رجلٍ يهمُّ بسيِّئةٍ فتكتب عليه، ولو أنَّ رجلًا بعدَنِ أَبْين همَّ أنْ يقتلَ رجلًا بهَذَا البيتِ لأذاقَهُ (١) اللهُ من عذابٍ أليم.

وفي «تفسير ابن أبي حاتم»: حَدَّثنا أحمدُ بنُ سنان: حَدَّثنا يزيدُ بنُ هارون: أَخبرنا شعبة عن السُّديِّ أنَّه سمع مُرَّة يحدِّث عن عبد الله -يعني: ابن مسعود- في قولهِ تعالى: ﴿وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ﴾ [الحج: ٢٥] قال (٢): لو أنَّ رجلًا أراد فيه بإلحادٍ بظُلْمٍ وهو بعدَنِ أَبْين لأذاقَهُ الله من العذابِ الأليمِ. قال شعبة: هو رفعَه لنا وأنا لا أرفعهُ لكم. قال يزيد: هو قد رفعهُ. ورواهُ أحمد عن يزيد بنِ هارون به. قال الحافظُ ابنُ كثير: هذا الإسنادُ صحيحٌ على شرطِ البخاريِّ، ووقفُه أشبَه من رفعهِ، ولهذا صمَّم شعبة على وقفهِ من كلامِ ابن مسعودٍ، وكذا رواه أسباطُ وسفيان الثَّوريُّ، عن السُّديِّ، عن مُرَّة عن ابنِ مسعود. انتهى.

واستُشكلَ: فإنَّ ظاهره: أنَّ فعل الصَّغيرة في الحرم المكيِّ أشدُّ من فعلِ الكبيرة في غيرهِ. وأُجيب بأنَّ الإلحاد في العُرْف مستعملٌ (٣) في الخارج عن الدِّين، فإذا وصفَ به من ارتكبَ معصيةً كان في ذلك إشارةً إلى عِظمها، وقد يؤخذُ ذلك من سياق قولهِ تعالى: ﴿وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الحج: ٢٥] فإنَّ الإتيان بالجملةِ الاسميَّة يفيدُ ثبوت الإلحادِ


(١) في (د): «إلا أذاقه».
(٢) «قال»: ليست في (ص) و (ع).
(٣) في (د): «يستعمل».

<<  <  ج: ص:  >  >>