للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالإفراد، والجملة مقولُ القولِ «وإنَّما» من أدوات الحصرِ. قال السَّكاكِي في «إعجاز القرآن»: إنَّ (١) الواقعَ بعد «إنَّما» إذا كان مبتدأ وخبرًا فالمحصور (٢) الثَّاني، فإذا قلنا: إنَّما المال لزيدٍ، فالمال لزيدٍ لا لغيره، وإذا قلنا (٣): إنَّما لزيدٍ المالُ فالمحصور المال (٤) تقديره: لا غيره (٥)، و «الأعمالُ» مبتدأ بتقدير مضافٍ، أي: إنَّما صحَّةُ الأعمال، والخبرُ الاستقرار الَّذي تعلَّق (٦) به حرفُ الجرِّ، والباء في «بالنيَّة» (٧) للسببيَّة، أي: إنَّما الأعمالُ ثابتٌ ثوابها بسببِ النِّيَّة، وأفردَها؛ لأنَّ المصدر المفرد (٨) يقومُ مقام الجمعِ، وإنَّما يُجمع (٩) لاختلافِ الأنواع (وَإِنَّمَا لاِمْرِئٍ مَا نَوَى). وفي التَّعليق السَّابق كرواية أوَّل الكتاب [خ¦٥٤] «لكلِّ امرئٍ ما نوى»، فمن نوى بعقد البيع الرِّبا وقع في الرِّبا، ولا يُخلِّصه من الإثمِ (١٠) صورة البيع، ومن نَوى بعقد النِّكاح التَّحليل كأنَّه (١١) محلِّلًا ودخل في الوعيد على ذلك باللَّعن، ولا يُخلِّصه من ذلك صورة النِّكاح، وكلُّ شيءٍ قُصِد به تحريم ما أحلَّ الله، أو تحليل ما حرَّم الله كان إثمًا، واستَدلَّ به من قال بإبطال الحيل ومن قال بإعمالها؛ لأنَّ مرجع كلٍّ من الفريقين إلى نيَّة العامل، فإن كان في ذلك خلاص مظلومٍ مثلًا فهو مطلوبٌ، وإن كان فيه فوات حقٍّ فهو مذمومٌ، وقد نصَّ إمامنا الشَّافعيُّ على كراهةِ تَعاطي الحيل في تفويتِ الحقوق. فقال بعضُ أصحابه: هي كراهة تنزيهٍ. وقال كثيرٌ من محقِّقيهم كالغزاليِّ: هي كراهةُ تحريمٍ. وقد نقل صاحب «الكافي» من الحنفيَّة عن محمَّد بن الحسن قال: ليس من أخلاقِ المؤمنين الفِرار من أحكامِ الله بالحيلِ الموصلة إلى إبطال الحقِّ (فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ) من مكَّة إلى المدينة (١٢)


(١) «إن»: ليست في (ص).
(٢) في (س) و (ص): «المحصور».
(٣) في (ص): «قال».
(٤) «فالمحصور المال»: ليست في (د).
(٥) في غير (ل): «لا لغيره»، وهو تصحيف، اقتضى التنبيه عليه بهامش (ب) و (س).
(٦) في (ع) و (ص) و (د): «يتعلق».
(٧) في (س): «النية».
(٨) في (د): «الفرد».
(٩) في (ع) و (د): «لم يجمع».
(١٠) في (ص): «ذلك».
(١١) في (د): «كان».
(١٢) «من مكة إلى المدينة»: ليست في (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>