الجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ) بفتح الصاد المهملة والقاف وكسر الموحدة، بقربهِ، أو بقريبهِ بأن يتعهَّده ويتصدَّق عليه مثلًا. قيل: هو دليلٌ لشفعةِ الجوارِ. وأُجيب بأنَّه لم يقلْ: أحقُّ بشفعتهِ، وهو متروكُ الظَّاهر؛ لأنَّه يستلزم أن يكون الجارُ أحقَّ من الشَّريك، وهو خلافُ مذهب الحنفيَّة (مَا بِعْتُكَهُ) ولأبي ذرٍّ عن المُستملي: «ما بعتك» بإسقاط الضَّمير (-أَوْ قَالَ: مَا أَعْطَيْتُكَهُ-). قال عليُّ بنُ المدينيِّ:(قُلْتُ لِسُفْيَانَ) بن عُيينة: (إِنَّ مَعْمَرًا) فيما رواه عبدُ الله بنُ المبارك عن مَعْمر عن إبراهيم بنِ مَيْسَرةَ عن عمرو بنِ الشَّريد عن أبيه. أخرجه النَّسائيُّ (لَمْ يَقُلْ هَكَذَا) قالَ في «الكواكب»: أي: أنَّ الجار أحقُّ بصقبه (١) بل قال: الشُّفعة. وتعقَّبه الحافظ ابن حجرٍ فقال: هذا الَّذي قاله لا أصلَ له، وما أدري مستندَه فيه، ولفظ رواية مَعْمر:«الجارُ أحقُّ بصقبه» كرواية أبي رافع سواء، فالمرادُ بالمخالفة على ما رواه مَعْمر إبدال الصَّحابي بصحابي آخر، وهو المعتمدُ (قَالَ) سفيان: (لَكِنَّهُ) أي: إبراهيمَ بنَ ميسرة (قَالَ) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: «قاله»(لِي هَكَذَا) وحكى التِّرمذيُّ عن البخاريِّ: أنَّ الطَّريقين صحيحان، وإنما صحَّحهما؛ لأنَّ الثَّوريَّ وغيره تابعوا سفيان بن عُيينة على هذا الإسناد.
قال المهلَّب: مناسبةُ ذكر حديث أبي رافع أنَّ كلَّ ما جعله النَّبيُّ ﷺ حقًّا لشخص لا يجوزُ لأحدٍ إبطاله بحيلةٍ ولا غيرها.
(وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ) هو النُّعمان أيضًا ﵀: (إِذَا أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: «أن يقطع»(الشُّفْعَةَ) ورجَّحها القاضِي عياض، وقال الكِرْمانيُّ: يجوزُ أن يكون المراد بقولهِ: «أن يبيع الشُّفعة» لازم البيع وهو الإزالةُ عن الملك (فَلَهُ أَنْ يَحْتَالَ حَتَّى يُبْطِلَ الشُّفْعَةَ، فَيَهَبُ البَائِعُ لِلْمُشْتَرِي الدَّارَ وَيَحُدُّهَا) بالحاء والدال المهملتين، أي: يصف حدودها الَّتي تميِّزها (وَيَدْفَعُهَا) أي: الدَّار (إِلَيْهِ) إلى المشتري (وَيُعَوِّضُهُ المُشْتَرِي أَلْفَ دِرْهَمٍ) مثلًا (فَلَا يَكُونُ لِلشَّفِيعِ فِيهَا شُفْعَةٌ) وإنَّما سقطَتِ الشُّفعة في هذه الصُّورة؛ لأنَّ الهبةَ ليست مُعاوضة محضة فأشبهتِ الإرث.