للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بها: صحَّتها، والرُّؤيا كالرُّؤية غير أنَّها مختصَّة بما يكون في النَّوم، ففرق بينهما بتاء التَّأنيث كالقُرْبة والقربى. وقال الرَّاغب: بالهاء إدراكُ المرئيِّ بحاسَّة البصرِ، ويُطلق على ما يدركُ بالتَّخيُّل، نحو: أرى أنَّ زيدًا سافر، وعلى التَّفكُّر (١) النَّظري نحو: ﴿إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ﴾ [الأنفال: ٤٨] وعلى الرَّأي وهو اعتقادُ أحدِ النَّقيضين من غلبة الظَّنِّ. وقال ابنُ الأثير: الرُّؤيا والحلم عبارةٌ عمَّا يراه النَّائم في النَّوم من الأشياء، لكن غلبت الرُّؤيا على ما يراهُ من الخيرِ والشَّيء الحسن، وغلبَ الحُلمُ على ما يراهُ من (٢) الشَّرِّ والقبيحِ، ومنه قوله تعالى: ﴿أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ﴾ [يوسف: ٤٤] وتضم (٣) لام الحلُم وتسكَّن، وفي الحديث [خ¦٥٧٤٧] «الرُّؤيا من اللهِ، والحُلْم من الشَّيطان».

قال التُّورِبشتيُّ: الحلُم عند العربِ مستعمل استعمال الرُّؤيا، والتَّفريق بينهما إنَّما كان من الاصطلاحاتِ الشَّرعيَّة الَّتي لم يضعْها حليمٌ (٤) ولم يهتدِ إليها حكيمٌ، بل سنَّها (٥) صاحب الشَّرع للفصلِ بين الحقِّ والباطل، كأنَّه كرهَ أن يسمِّي ما كانَ من الله وما كانَ من الشَّيطان باسمٍ واحدٍ، فجعلَ الرُّؤيا عبارة عمَّا كان من الله، والحلُم عمَّا كان من (٦) الشَّيطان؛ لأنَّ الكلمة لم تستعملْ إلَّا فيما يخيَّلُ للحالم في منامهِ من قضاءِ الشَّهوة ممَّا لا حقيقةَ له.

قال صاحب «فتوح الغيب»: ولعلَّ التُّوربشتيَّ أراد بقولهِ: ولم يهتدِ إليها حكيم، ما عرفتهَا الفلاسفةُ على ما نقله القاضِي البيضاويُّ في تفسير الرُّؤيا: انطباعُ الصُّورة (٧) المنحدرةِ من أُفق المتخيِّلة إلى الحسِّ المشتركِ، والصَّادقة منها إنَّما تكون باتِّصال النَّفس بالملكوتِ لما بينهما من التَّناسب عند فراغِها من تدبير البدنِ أدنى فراغ، فتتصوَّر بما فيها ممَّا (٨) يليقُ بها


(١) في (د) و (ع): «العلم».
(٢) «من»: ليست في (ص) و (ع).
(٣) في (ص) و (ع): «يضم».
(٤) في (د) و (ع): «بليغ».
(٥) في (د) و (ع): «بينها».
(٦) «الله، والحلم عمَّا كان من»: سقط في (ل).
(٧) في (د): «الصور».
(٨) في (ب) و (س): «ما».

<<  <  ج: ص:  >  >>