للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالْقَمَرَ﴾) هما أبواه، أو أبوه وخالته، والكواكب إخوته. قيل: الواو بمعنى مع، أي: رأيتُ الكواكبَ مع الشَّمس والقمر، وأجريتْ مجرى العُقلاء في ﴿رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ لأنَّه وصفها بما هو المختصُّ بالعقلاء وهو السُّجود، وكُرِّرتِ الرُّؤية؛ لأنَّ الأولى تتعلَّق بالذَّات والثَّانية بالحالِ، أو الثَّانية كلامٌ مستأنفٌ على تقديرِ سؤال وقع جوابًا له كأنَّ أباهُ قال له: كيف رأيتَها؟ فقال (١): (﴿رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾) متواضعين (٢) وكان سنُّه اثنتي عشرة سنةً يومئذٍ (﴿قَالَ يَا بُنَيَّ﴾) صغَّره للشَّفقة أو لصغر سنِّه (﴿لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا﴾) جواب النَّهي، أي: إن قصصتَها عليهم كادوكَ، فَهِمَ يعقوب من رُؤياه أنَّ الله يصطفيهِ لرسالتهِ، ويُنعم عليه بشرفِ الدَّارين، فخافَ عليه حسدَ إخوتهِ وبغيهم (﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾) ظاهرُ العداوةِ فيحملُهم على الحسدِ والكيد (﴿وَكَذَلِكَ﴾) أي: وكما اجتباك (٣) بمثلِ هذه الرُّؤيا الدَّالَّة على شرفكَ وعزِّك (﴿يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ﴾) يصطفيكَ للنُّبوَّة والملك (﴿وَيُعَلِّمُكَ﴾) كلامٌ مُبتدأ غيرُ داخلٍ في حكمِ التَّشبيه، كأنَّه (٤) قيل: وهو يعلِّمك (﴿مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ﴾) من تعبيرِ (٥) الرُّؤيا (﴿وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ﴾) بإرسالكَ والإيحاءِ إليك (﴿وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ﴾) أرادَ الجدَّ وأبا الجدِّ (﴿إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ﴾) عطف بيانٍ لـ ﴿أَبَوَيْكَ﴾ (﴿إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ﴾) يعلمُ من يستحقُّ الاجتباء (﴿حَكِيمٌ﴾ [يوسف: ٤ - ٦]) يضعُ الأشياء في مَواضعها، وسقط لأبي ذرٍّ من قولهِ «﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ﴾ … » إلى آخره وقال بعدَ: ﴿سَاجِدِينَ﴾: «إلى قولهِ: ﴿عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾».

(وَقولهِ تَعَالَى (٦): ﴿يَا أَبَتِ هَذَا﴾) أي: سجودهم (﴿تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ﴾) الَّتي (٧) كان قصَّها على أبيه: ﴿إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا﴾ وكان هذا سائغًا في شَرائعهم إذا سلَّموا على كبيرٍ (٨) سجدوا له، ولم يزلْ هذا جائزًا من لُدن آدم إلى شريعةِ عيسى ، فحُرِّم هذا في هذه الملَّة المحمَّديَّة


(١) في (ع) و (د): «قال».
(٢) في (د): «أي متواضعين».
(٣) في (د): «اجتبيناك».
(٤) في (د): «فكأنه».
(٥) في (ص): «تفسير».
(٦) «تعالى»: ليست في (ع) و (ص) و (د).
(٧) في (د): «أي التي».
(٨) في (د): «الكبير».

<<  <  ج: ص:  >  >>