للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشَّرعيِّ، فنسب (١) الرَّاوي إلى الوهم، قال: لأنَّه لا عمل في الجنَّة، وإنَّما هي امرأةٌ شوهاء لكنَّ الكاتب أسقطَ بعضَ حروفها فصارَ: تتوضأ. وأجاب البدر الدَّمامينيُّ فقال: قلت: وهذا تحكُّم في الرِّواية بالرَّأي، ونسبة الصَّحيح منها إلى الغلطِ بمجرَّد خيالٍ مبنيٍّ على أمرٍ غير لازم، وذلك أنَّه بناه على الوضوء المكلَّف به في دار الدُّنيا، ومن أين له ذلك، ولم لا يجوِّز أن يكون من الوضوء اللُّغوي المراد به: الوضاءة، ويكون توضؤها سببًا لازدياد حُسنها وإشراقِ نورها، وليس المراد إزالة درنٍ ولا شيءٍ من الأقذار؟ فإنَّ هذا ممَّا نُزِّهت الجنَّة عنه. انتهى.

وفيه: أنَّها من أهل الجنَّة، ويوافقه قول جمهور المعبرين (٢): أنَّ من رأى أنَّه يدخل الجنَّة فإنَّه يدخلها. قال : (قُلْتُ) للملائكة: (لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟ قَالُوا: لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ) ، وسقط لأبي ذرٍّ «ابن الخطَّاب» زاد في «المشكاة»: «فأردتُ أن أدخله» (فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ) بفتح الغين (فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي: «فولَّيت منها مدبرًا».

قال المهلَّب: فيه الحكم لكلِّ رجلٍ بما يعلم من خُلقه، ألا ترى أنَّه لم يدخلِ القصر مع علمه بأنَّ عمرَ لا يغار عليه؛ لأنَّه أبو المؤمنين، وكل ما (٣) ناله بنوه من الخيرِ فبسببه (٤)، وتعقَّب مُغْلطاي قوله: أبو (٥) المؤمنين مع أنَّ الله تعالى يقول: ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ﴾ [الأحزاب: ٤٠] وقال : «إنَّما أنا لكم بمنزلةِ الوالد» ولم يقلْ: أنا لكم أبٌ، ولم يأت في ذلك حديثٌ صحيحٌ ولا غيره ممَّا يصلح للدَّلالة. انتهى.

وأُجيب بأنَّ معنى الآية، أي: لم يكن أبا رجلٍ منكم حقيقةً حتَّى يثبتَ بينه وبينه ما يثبتُ (٦) بين الأب وولده من حرمةِ المصاهرة وغيرها، ولكن كان رسول الله أبا أمَّته فيما يرجع إلى وجوب التَّوقير والتَّعظيم له عليهم، ووجوب الشَّفقة والنَّصيحة لهم عليهِ، لا في سائرِ الأحكام الثَّابتة بين الآباء والأبناء. انتهى من «الكشاف» (٧).


(١) في (د): «ونسب».
(٢) في (س) و (ل): «البصريِّين».
(٣) في (ع) و (ص): «كلما».
(٤) في (د): «بسببه».
(٥) في (د): «أبا».
(٦) في (د): «ثبت».
(٧) في (ع): «الكتاب».

<<  <  ج: ص:  >  >>