للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بين مكة واليمن، سُمِّيت (١) بجاريةٍ زرقاءَ كانت تبصرُ الرَّاكب من مسيرةِ ثلاثة أيامٍ، فقيل: أبصرُ من زرقاءِ اليمامةِ (أَوْ هَجَرٌ) بفتح الهاء والجيم، غير مصروفٍ، قاعدةُ أرضِ البحرين، أو بلد باليمن، ولأبي ذرٍّ والأَصيليِّ وابنِ عساكرَ: «الهجر» بزيادة «أل» (فَإِذَا هِيَ المَدِينَةُ) الشَّريفة الَّتي هي اسمها في الجاهليَّة (يَثْرِبُ) بالمثلَّثة (وَرَأَيْتُ فِيهَا) في الرُّؤيا (بَقَرًا) بفتح القاف، زاد أحمدُ من حديث جابر: «تُنحرُ»، وبهذه الزِّيادة تقع (٢) المطابقة بين الحديث والتَّرجمة، ويتمُّ تأويل الرُّؤيا (وَاللهُ خَيْرٌ) مبتدأ وخبر، أي: ثواب الله للمقتولين خيرٌ لهم من مَقامهم في الدُّنيا، أو صنيعُ الله خيرٌ لهم، قيل: والأولى أن يُقال: إنَّه من جملة الرُّؤيا، وإنَّها كلمةٌ سمعها عند رؤياه (٣) البقر (فَإِذَا هُمُ) أي: البقر (المُؤْمِنُونَ) الَّذين قُتِلوا (يَوْمَ) غزوة (أُحُدٍ) بضم الهمزة والحاء المهملة (وَإِذَا الخَيْرُ مَا) أي: الَّذي (جَاءَ اللهُ بِهِ مِنَ الخَيْرِ وَثَوَابِ الصِّدْقِ الَّذِي آتَانَا اللهُ) بمدِّ همزة «آتانا» أي: أعطانا الله (بَعْدَ يَوْمِ) غزوة (بَدْرٍ) من تثبيتِ قلوب المؤمنين؛ لأنَّ النَّاس جمعوا لهم، فزادهُم إيمانًا وتفرَّق العدوُّ منهم هيبةً، أو المراد بالخيرِ: الغنيمة، وبعدُ، أي: بعد الخير، فالثَّوابُ والخيرُ حصلا في يوم بدرٍ، قاله الكِرْمانيُّ.

قال في «الفتح»: وفي هذا السِّياق إشعارٌ بأنَّ قولهُ في الخبر: «والله خيرٌ»، من جملة الرُّؤيا، والَّذي يظهر أنَّ لفظه لم يتحرَّر إيراده، وأنَّ رواية ابن إسحاق هي المحرَّرة، وأنَّه رأى بقرًا ورأى خيرًا، فأوَّل البقرَ على من قُتِل من الصَّحابة يوم أُحد، وأوَّل الخيرَ على ما حصلَ لهم من ثوابِ الصِّدق في القتالِ، والصَّبر على الجهادِ يوم بدرٍ، وما بعده إلى فتح مكَّة، والمراد بالبعديَّة (٤) على هذا لا تختصُّ بما بين بدرٍ وأُحد، نبَّه عليه ابن بطَّال، ويحتملُ أن يريد ببدرٍ: بدر الموعد، لا الوقعة المشهورة السَّابقة على أُحد، فإنَّ بدر الموعد كانت بعد أحدٍ ولم يقع فيها قتالٌ، وكان المشركون لمَّا رجعوا من أحدٍ قالوا: موعدُكم العام المقبل بدر، فخرج النَّبيُّ ومن انتُدبَ معه إلى بدرٍ ولم يحضرِ المشركون، فسُمِّيت بدر الموعد، فأشارَ بالصِّدق إلى أنَّهم صَدَقوا الموعد (٥) ولم يُخلفوه، فأثابهُم الله على ذلكَ بما فتحَ عليهم بعد ذلكَ من قُرَيظة وخيبرَ وما بعدهما. انتهى.


(١) في (ب) و (س): «تتم».
(٢) في (ع): «سمعت عند رؤيا».
(٣)
(٤) في (ب) و (س): «البعدية».
(٥) في (ب) و (س): «الوعد».

<<  <  ج: ص:  >  >>