للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان إذا لقي أحدًا من أصحابه ماسحه ودعا له، فلمَّا ظنَّ أبو هريرة أنَّ الجنب ينجس بالجنابة خشي أن يماسَّه النَّبيُّ كعادته، فبادر إلى الاغتسال (ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ) : (أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: كُنْتُ جُنُبًا) أي: ذا جنابةٍ؛ لأنَّه اسمٌ جرى مجرى المصدر، وهو الإجناب (فَكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسَكَ وَأَنَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ) جملةٌ اسميَّةٌ حاليَّةٌ مِنَ الضَّمير المرفوع في «أجالسك»، وفرَّق السُّهيليُّ بين قوله: «أن أجالسك» وبين «كرهت مجالستك»، فالأوَّل: يكون المكروه وقوع الفعل وهو المُجالَسة، وعلى الثَّاني: المكروه مجالستك (١) (فَقَالَ) بالفاء قبل القاف، وسقطت في كلام أبي هريرة على الأفصح، في الجمل المُفتتَحة بالقول، كما قِيلَ في قوله تعالى: ﴿أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ. قَالَ … ﴾ [الشعراء: ١٠ - ١٢] وما بعدها (٢)، وأمَّا القول مع ضمير النَّبيِّ فالفاء سببيَّةٌ رابطةٌ فاجتُلِبت لذلك، ولأبي ذَرٍّ وابن عساكر والأَصيليِّ: «قال» (٣): (سُبْحَانَ اللهِ!) نُصِبَ بفعلٍ لازمٍ الحذف، وأتى به هنا للتَّعجُّب والاستعظام، أي: كيف يخفى مثل هذا الظَّاهر عليك (إِنَّ المُؤْمِنَ) وفي روايةٍ مُضبَّبٍ عليها بفرع «اليونينيَّة»: «إنَّ المسلم» (لَا يَنْجُسُ) أي: في ذاته حيًّا ولا ميتًا، ولذا (٤) يُغسَّل إذا مات. نعم يتنجَّس بما يعتريه من ترك التَّحفُّظ مِنَ النَّجاسات والأقذار، وحكم الكافر في ذلك كالمسلم، وأمَّا قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾ [التوبة: ٢٨] فالمراد بها (٥): نجاسة اعتقادهم، أو لأنَّه يجب أن يتجنَّب عنهم، كما يتجنَّب عن الأنجاس، أو لأنَّهم لا يتطهَّرون


(١) قوله: «وفرَّق السُّهيليُّ بين قوله … وعلى الثَّاني: المكروه مجالستك» مثبتٌ من (م).
(٢) «وما بعدها»: ليس في (د).
(٣) قوله: «ولأبي ذَرٍّ وابن عساكر والأَصيليِّ: قال» سقط من (د).
(٤) في (ب): «لذلك».
(٥) في (ب): «به».

<<  <  ج: ص:  >  >>