للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(قَالَ: قَالَا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ) مرَّتين (قَالَ: فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ حَسِبْتُ أنَّه كَانَ يَقُولُ: أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ) عائمٌ يعوم (وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ) بصيغة المضارع فيهما، وفي «الفتح»: بفتحتين وتخفيف الموحدة في الثَّاني (ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ) الرَّجل (الَّذِي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الحِجَارَةَ فَيَفْغَرُ) بتحتية مفتوحة ففاء ساكنة فغين معجمة مفتوحة، فيفتحُ (لَهُ فَاهُ) فمه (فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا) بضم التَّحتية (فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ) في النَّهر (ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ كُلَّمَا) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: «كما» (رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ) فتح (لَهُ فَاهُ، فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا. قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا) شأن (هَذَانِ) الرَّجلان؟ (قَالَ: قَالَا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ) بالتَّكرار مرَّتين (قَالَ: فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كَرِيهِ المَرْآةِ) بفتح الميم وسكون الراء (١) وهمزة ممدودة ثمَّ هاء تأنيث، أي: كريه المنظرِ (كَأَكْرَهِ) بفتح الهاء وكسرها (مَا أَنْتَ رَاءٍ رَجُلًا مَرْآةً) بفتح الميم (وَإِذَا عِنْدَهُ نَارٌ يَحُشُّهَا) بحاء مهملة وشين معجمة مشددة مضمومتين، يحرِّكها ويُوقدها، ولأبي ذرٍّ وابنِ عساكرَ: «نارٌ له يحشُّها» (وَيَسْعَى حَوْلَهَا، قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَا) الرَّجل؟ (قَالَ: قَالَا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ) بالتَّكرار مرَّتين (فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ) بضم الميم وسكون العين المهملة بعدها فوقية فميم مشدَّدة مفتوحتين آخره هاء تأنيث طويلة النَّبات، وقيل: غطَّاها الخصبُ والكلأ كالعمامة على الرَّأس، وضبطها بعضُهم بكسر الفوقية وتخفيف الميم. قال السَّفاقِسيُّ: ولا يظهرُ له وجهٌ. وأجاب في «المصابيح» فقال: يلوح لي فيه وجه مقبولٌ، وذلك أنَّ خضرة الزَّرع إذا اشتدَّت وصفتْ بما يقتضِي السَّواد، كقولهِ تعالى: ﴿وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى. فَجَعَلَهُ غُثَاء أَحْوَى﴾ [الأعلى: ٤ - ٥] وقد ذهب الزَّجَّاج: إلى أنَّ ﴿أَحْوَى﴾ حالٌ من ﴿الْمَرْعَى﴾ أخر عن الجملةِ المعطوفة، وأنَّ المراد وصفه بالسَّواد لأجل خضرتهِ، فكذلك تقول: وصفت الرَّوضة بشدة خضرتها بالسَّواد، فقيل: معتمة من قولك: أعتم اللَّيل إذا أظلمَ، فتأمَّله. انتهى.

وبه قال الحافظُ ابن حجرٍ ولفظه: الَّذي يظهرُ لي أنَّه من العتمة، وهي (٢) شدَّة الظَّلام، فوصفَها بشدَّة الخضرةِ، كقولهِ: ﴿مُدْهَامَّتَانِ﴾ [الرحمن: ٦٤] (فِيهَا) في الرَّوضة (مِنْ كُلِّ نَوْرِ الرَّبِيعِ) بفتح النون، أي: زهره، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: «من كلِّ لون الرَّبيع» (وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَيِ


(١) في (ل): «وكسر الراء».
(٢) في (د): «وهو».

<<  <  ج: ص:  >  >>