للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

زمان خلافة عليٍّ ، والدَّخَن: الخوارج ونحوهم، والشَّرُّ بعده؛ زمان الذي يلعنونه على المنابر، وقيل: «وتنكر» خبرٌ بمعنى الأمر، أي: أنكروا عليهم صدور المُنكَر عنهم (١)، قال حذيفة: (قُلْتُ): يا رسول الله (فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ (٢)؛ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ) بضمِّ الدَّال من «دعاة» أي: جماعةٌ يدعون النَّاس إلى الضَّلالة، ويصدُّونهم عن الهدى بأنواعٍ من التَّلبيس، وأُطلِق عليهم ذلك باعتبار ما يؤول إليه حالهم؛ كما يُقال لمن أمر بفعلٍ محرَّمٍ: وقف على شفير جهنَّم (مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ) بالذَّال المعجمة (فِيهَا) في النَّار، قال حذيفة: (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ صِفْهُمْ لَنَا، قَالَ: هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا) بكسر الجيم وسكون اللَّام: من أنفسنا وعشيرتنا (وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا) أي: من العرب، وقيل: من بني آدم، وقيل: إنَّهم في الظَّاهر على ملَّتنا، وفي الباطن مخالفون (قُلْتُ): يا رسول الله (فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ) : (تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ) بكسر الهمزة: أميرهم، أي: وإن جَارَ، وعند مسلمٍ من طريق أبي الأسود (٣) عن حذيفة: «تسمع وتطيع وإن ضُرِب ظهرك، وأُخِذَ مالك»، وعند الطَّبرانيِّ من رواية خالد بن سُبيعٍ: «فإن رأيت خليفةً؛ فالزمه وإن ضرب ظهرك» (قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَالَ) صلوات الله وسلامه عليه: (فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ) بفتح الفوقيَّة والعين المهملة والضَّاد المعجمة المشدَّدة، قال التُّوربشتيُّ: أي: تمسك بما يصبِّرك وتقوِّي به عزيمتك على اعتزالهم ولو بما لا يكاد يصحُّ أن يكون مُتمسَّكًا، وقال الطِّيبيُّ: هذا شرط تُعُقِّب (٤) به الكلام؛ تتميمًا ومبالغةً، أي: اعتزلِ النَّاس اعتزالًا لا غاية بعده ولو قنعت فيه بعضِّ الشَّجرة (٥) افعل؛ فإنَّه خيرٌ لك (حَتَّى يُدْرِكَكَ المَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ) العضِّ، وهو كنايةٌ عن شدَّة المشقَّة؛ كقولهم: فلانٌ يعضُّ على الحجارة من شدَّة الألم، أو المراد: اللُّزوم؛ كقوله في الحديث الآخر: «عضُّوا عليها بالنَّواجذ»، والمراد -كما قال الطَّبريُّ-: من الخير لزوم الجماعة الذين في طاعة من اجتمعوا


(١) في (ع): «منهم».
(٢) «نعم»: ليس في (ص).
(٣) في كل الأصول: «أبي الأسود» وهو وهم تبع فيه الفتح، إنما هو أبو سلام الأسود الحبشي. انظر حديثه في مسلم (١٨٤٧)، وانظر تحفة الأشراف: (٣/ ٥٤).
(٤) في (د): «يعقَّب».
(٥) في (د): «الشجر».

<<  <  ج: ص:  >  >>