للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: «بمثله» أي: بمثل الحديث الذي ساقه أوَّل الباب من طريق أبي معاوية، عن الأعمش بلفظ: قيل له: ألا تدخل على عثمان، فتكلِّمه؟ فقال: أترون أنِّي لا أكلِّمه إلَّا ما (١) أُسمِعُكم؟ والله لقد كلَّمته فيما بيني وبينه ما دون أن أفتح أمرًا … الحديث، ثمَّ عرَّفهم أسامة بأنَّه لا يُداهن أحدًا ولو كان أميرًا؛ بل ينصحه في السِّرِّ جهده، فقال: (وَمَا أَنَا بِالَّذِي (٢) أَقُولُ لِرَجُلٍ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ أَمِيرًا عَلَى رَجُلَيْنِ: أَنْتَ خَيْرٌ) من النَّاس، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: «اِيْتِ» بهمزةِ مكسورةٍ فتحتيَّة ساكنةٍ، فعل أمرٍ من «الإتيان» (٣)، «خيرًا» نصبٌ على المفعوليَّة (بَعْدَ مَا) أي: بعد الذي (سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ يَقُولُ: يُجَاءُ) بضمِّ الياء (بِرَجُلٍ فَيُطْرَحُ فِي النَّارِ، فَيَطْحَنُ فِيهَا كَطَحْنِ الحِمَارِ بِرَحَاهُ) بفتح الياء من «فيَطحن»، قال في «الفتح»: وفي رواية الكُشْمِيهَنيِّ: «كَمَا يُطْحَنُ»؛ كذا رأيته في نسخةٍ معتمدةٍ: بضمِّ أوَّله على البناء للمجهول، وفتحها أوجه، ففي رواية سفيان وأبي معاوية: «فتندلق أقتابه، فيدور كما يدور الحمار» [خ¦٢٢٦٧] والأقتاب: الأمعاء، واندلاقها: خروجها بسرعة. انتهى. والذي رأيته في فرع «اليونينيَّة» كأصله عن أبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: «كَمَا يَطْحَنُ» بفتح الياء، مبنيًّا للفاعل «الحمار برحاه» (فَيُطِيفُ بِهِ (٤) أَهْلُ النَّارِ) يجتمعون حوله (فَيَقُولُونَ) له: (أَيْ فُلَانُ) ما شأنك؟ (أَلَسْتَ كُنْتَ تَأْمُرُ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ؟ فَيَقُولُ) لهم: (إِنِّي كُنْتُ آمُرُ بِالمَعْرُوفِ وَلَا أَفْعَلُهُ، وَأَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ وَأَفْعَلُهُ) وقول المهلَّب: «إنَّ السَّبب في تحديث أسامة بذلك ليتبرَّأ ممَّا ظنُّوا به من سكوته عن عثمان في أخيه الوليد بن عقبة» تعقَّبه في «الفتح» بأنَّه ليس واضحًا، بل الذي يظهر أنَّ أسامة كان يخشى على من وُلِّيَ ولايةً ولو صغرت أنَّه لا بدَّ له من (٥) أن يأمر الرَّعيَّة بالمعروف، وينهاهم عن المنكر، ثمَّ لا يأمن أن يقع منه تقصيرٌ، فكان أسامة يرى أنَّه لا يتأمَّر على أحدٍ، وإلى ذلك أشار بقوله: لا أقول (٦) للأمير: إنَّه خير النَّاس، أي: بل غايته أن ينجو كَفَافًا.


(١) «ما»: ليس في (د) و (ص).
(٢) في (ع): «الذي».
(٣) في (د): «الإيتاء»، وليس بصحيحٍ.
(٤) «به»: سقط من (ع).
(٥) «من»: ليس في (د).
(٦) زيد في (ع): «إلا».

<<  <  ج: ص:  >  >>