للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والدَّجَّال يُطلَق (١) في اللُّغة على أوجهٍ كثيرةٍ؛ منها: الكذَّاب كما قال هنا: دجَّالون (كَذَّابُونَ) ولا يُجمَع ما كان على «فَعَّال» جمع تكسيرٍ عند جماهير النُّحاة؛ لئلَّا يذهب بناء المبالغة منه، فلا يُقال إلَّا: دجَّالون؛ كما قال ، وإن كان قد جاء مكسَّرًا؛ فهو شاذٌّ؛ كما قال مالك بن أنسٍ في محمَّد بن إسحاق: إنَّما هو دجَّالٌ (٢) من الدَّجاجلة (٣)، قال عبد الله بن إدريس الأَوديُّ: وما علمت أنَّ دجَّالًا يُجمع على «دجاجلة» حتَّى سمعتها من مالك بن أنسٍ ، وهؤلاء الكذَّابون عددهم (قَرِيبٌ مِنْ ثَلَاثِينَ) وفي حديث حذيفة عند أبي نعيمٍ -وقال: حديثٌ غريبٌ تفرَّد به معاوية بن هشامٍ-: «يكون في أمَّتي دجَّالون كذَّابون سبعةٌ وعشرون؛ منهم أربع نسوةٍ»، وأخرجه أحمد بسندٍ جيِّدٍ، وفي حديث ثوبان عند أبي داود والتِّرمذيِّ، وصحَّحه ابن حِبَّان والحاكم (٤): «وأنَّه سيكون في أمَّتي كذَّابون ثلاثون» (كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ) زاد ثوبان: «وأنا خاتم النَّبيِّين لا نبيَّ بعدي»، ولأحمد وأبي يَعلى عن ابن عمر: «وثلاثون كذَّابون أو أكثر»، وعنه عند الطَّبرانيِّ (٥): «لا تقوم السَّاعة حتَّى يخرج سبعون كذَّابًا»، وسندهما ضعيفٌ، وعلى تقدير الثُّبوت فيُحمَل على المبالغة في الكثرة لا التَّحديد، وأمَّا رواية الثَّلاثين بالنِّسبة لرواية سبع وعشرين؛ فعلى طريق جبر الكسر، وقد ظهر ما في هذا الحديث، فلو عُدَّ من ادَّعى النُّبوَّة من زمنه ممَّن اشتُهِر بذلك واتَّبعه جماعةٌ على ضلاله؛ لوُجِدَ هذا العدد، ومن طالع كتب الأخبار والتَّواريخ وجد ذلك، والفرق بين هؤلاء وبين الدَّجَّال الأكبر أنَّهم يدَّعون النُّبوَّة، وذلك يدَّعي الإلهيَّة، مع اشتراك الكلِّ في التَّمويه وادِّعاء الباطل العظيم (وَ) لا تقوم السَّاعة (حَتَّى يُقْبَضَ العِلْمُ) بقبض العلماء، وقد وقع ذلك فلم يبق إلَّا رسمه (وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ) وقد كثر ذلك في البلاد الشَّمالية والشَّرقية والغربيَّة (٦)، حتَّى قيل: إنَّها استمرَّت في بلدةٍ من بلاد الرُّوم التي للمسلمين ثلاثة عشر شهرًا، وفي حديث سلمة بن نُفَيلٍ عند أحمد:


(١) في (د): «ينطق».
(٢) في (ع): «رجلٌ».
(٣) في (ص): «الدَّجَّالة».
(٤) «والحاكم»: سقط من (د) و (س).
(٥) في (د) و (س): «الطبري».
(٦) في (د): «والمشرقيَّة والمغربيَّة».

<<  <  ج: ص:  >  >>