للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتُخفَّف (١): احذروا الأمانيَّ (الَّتِي تُضِلُّ أَهْلَهَا) -بضمِّ الفوقيَّة وكسر الضَّاد المعجمة، و «أهلها» نصبٌ على المفعوليَّة- صفةٌ للأمانيِّ (فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: إِنَّ هَذَا الأَمْرَ) أي: الخلافة (فِي قُرَيْشٍ، لَا يُعَادِيهِمْ أَحَدٌ إِلَّا كَبَّهُ اللَّهُ (٢) عَلَى وَجْهِهِ) أي: ألقاه، ولأبي ذرٍّ: «في النَّار على وجهه» أي: ألقاه فيها، وهو من الغرائب؛ إذ «أكبَّ» لازمٌ و «كبَّ» متعدٍّ، عكس المشهور؛ والمعنى: لا ينازعهم في أمر الخلافة أحدٌ إلَّا كان مقهورًا في الدُّنيا، معذَّبًا في الآخرة (مَا أَقَامُوا الدِّينَ) «ما» مصدريَّةٌ، والوقت مقدَّرٌ، وهو متعلِّقٌ بقوله: «كبَّه الله» أي: مدَّة إقامتهم أمور الدِّين، فإذا لم يقيموه؛ خرج الأمر عنهم، هذا مفهومه، وذكر محمَّد بن إسحاق في كتابه الكبير قصَّة سقيفة بني ساعدة وبيعة أبي بكر، وفيها: فقال أبو بكرٍ: وإنَّ هذا الأمر في قريشٍ ما أطاعوا الله واستقاموا على أمره، ومن ثَمَّ لما استخفَّ الخلفاء بأمر الدِّين؛ تلاشت أحوالهم؛ بحيث لم يبقَ لهم من الخلافة إلَّا الاسم، فلا حول ولا وقوَّة إلَّا بالله، وقول السَّفاقسيِّ: «أجمعوا أنَّ الخليفة إذا دعا إلى كفرٍ أو (٣) بدعةٍ؛ يقام عليه» تُعُقِّب بأنَّ المأمون والمعتصم والواثق كلٌّ منهم دعا إلى بدعة القول بخلق القرآن، وعاقبوا العلماء بسبب ذلك بالضَّرب والقتل والحبس وغيرها (٤)، ولم يقل أحدٌ (٥) بوجوب الخروج عليهم بسبب ذلك.

تنبيه: سبق في «باب تغيير (٦) الزَّمان حتَّى يعبدوا (٧) الأوثان» [خ¦٧١١٧] حديث أبي هريرة مرفوعًا: «لا تقوم السَّاعة حتَّى يخرج رجلٌ من قحطان يسوق النَّاس بعصاه»، وفيه إشارةٌ إلى أنَّ مُلْكَ القحطانيِّ يقع في آخر الزَّمان عند قبض أهل (٨) الإيمان، فإن كان حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعًا موافقًا لحديث أبي هريرة؛ فلا معنى لإنكاره أصلًا، وإن كان لم يرفعه، وكان فيه قدرٌ زائدٌ يُشعِر بأنَّ القحطانيَّ يكون في أوائل الإسلام؛ فهو معذورٌ في إنكاره،


(١) في (د): «وتخفيفها».
(٢) زيد في (ع): «في النار»، وسيأتي.
(٣) في (د) و (ع): «و».
(٤) في (ب) و (س): «وغير ذلك».
(٥) زيد في (ع): «منهم».
(٦) في (ب) و (س): «تغيُّر».
(٧) في غير (د): «تعبد».
(٨) «أهل»: سقط من (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>