للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الولاية حال ملابستها بالرَّضاع، وشبَّه بالفطام انقطاعَ ذلك عنه (١) عند الانفصال عنها، إمَّا بموتٍ أو بغيره (٢)، فالاستعارة في المرضِعة والفاطِمة تبعيَّةٌ، فإن قلت: هل من لطيفةٍ تُتلمَّح (٣) في (٤) ترك التَّاء من فعل المدح وإثباتها مع فعل الذَّم؟ قلت (٥): رضاعها هو أحبُّ حالتَيها إلى النَّفس، وفطامها أشقُّ الحالتين على النَّفس، والتَّأنيث أخفض حالتَي الفعل، وتركه أشرف حالتَيهِ؛ إذ هي حالة التَّذكير، وهو أشرف من التَّأنيث؛ فآثر استعمال أشرف حالتي الفعل مع الحالة المحبوبة التي هي أشرف حالتي الولاية، واستعمل الحالة الأخرى -وهي التَّأنيث- مع الحالة الشَّاقَّة على النَّفس؛ وهي حالة الفطام عن الولاية؛ لمكان المناسبة في المحلَّين، فهذا أمرٌ قد يُتخيَّل في هذا المقام، فتأمَّله. انتهى. وقال في «شرح المشكاة»: إنَّما لم (٦) يُلحِقِ التَّاء بـ «نِعْمَ» لأنَّ المرضِعة مستعارةٌ للإمارة، وهي وإن كانت مؤنَّثةً إلَّا أن تأنيثها غير حقيقيٍّ، وألحقها بـ «بئس» نظرًا إلى كون الإمارة حينئذٍ داهيةً دَهْياء (٧)، وفيه أنَّ ما يناله (٨) الأمير من البأساء والضَّراء أبلغ وأشدُّ ممَّا يناله من النَّعماء والسَّرَّاء، وإنَّما أُتي بالتَّاء في المرضع والفاطم دلالةً على تصوير تينِك (٩) الحالتين المتجدِّدتين (١٠) في الإرضاع والإفطام، فعلى العاقل ألَّا يلمَّ (١١) بلذَّةٍ تتبعها حسراتٌ، وفي حديث أبي هريرة عند التِّرمذيِّ -وقال: حديثٌ غريبٌ-: أنَّ النَّبيَّ قال: «من وُلِّيَ القضاء، أو جُعِلَ قاضيًا بين النَّاس؛ فقد ذُبِحَ بغير سكِّينٍ» والذَّبح إذا كان بغير سكِّينٍ؛ فإنَّ (١٢) فيه زيادة تعذيبٍ للمذبوح، بخلاف الذَّبح بالسِّكِّين؛ ففيه


(١) في غير (ب) و (س): «عنها»، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
(٢) في (د): «غيره».
(٣) في (ب) و (س): «تلمح».
(٤) في (ع): «من».
(٥) في (د): «أجيب بأن».
(٦) «لم»: سقط من (د).
(٧) في (ب): «ذاهبة»، وليس فيه «دهياء»، وهو تصحيفٌ.
(٨) في (ع): «يتناوله».
(٩) في (د): «تلك».
(١٠) في (ص): «المتَّحدتين».
(١١) في (د): «يفرح»، وفي (ع): «يلتذُّ».
(١٢) «فإنَّ» مثبتٌ من (ص) و (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>