للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنا الحرَّاء الثَّكلاء، ولو كنتَ مصابًا عذرتني (قَالَ) أنسٌ: (فَجَاوَزَهَا) (وَمَضَى، فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ) هو الفضل بن العبَّاس (فَقَالَ) لها: (مَا قَالَ لَكِ رَسُولُ اللهِ ؟ قَالَتْ) له (١): (مَا عَرَفْتُهُ، قَالَ: إِنَّهُ لَرَسُولُ اللهِ ) زاد مسلمٌ في روايةٍ له: فأخذها مثل الموت، أي: من شدَّة الكرب الذي أصابها لمَّا عرفت أنَّه رسول الله (قَالَ) أنسٌ: (فَجَاءَتْ) أي: المرأة (إِلَى بَابِهِ) (فَلَمْ تَجِدْ عَلَيْهِ بَوَّابًا) أي: راتبًا، تواضعًا منه ، فلا يعارِض هذا حديث أبي موسى أنَّه كان بوَّابًا له لمَّا جلس على القفِّ [خ¦٣٦٧٤] وحديث عمر لمَّا استأذن له الأسود في قصَّة حلفه ألَّا يدخل على نسائه شهرًا [خ¦٨١٩١] لأنَّه كان في خلوة نفسه يتَّخذ البوَّاب، واختُلِف في مشروعيَّة الحجاب للحاكم، فقال إمامنا الشَّافعيُّ: لا ينبغي اتِّخاذه له، وقال آخرون بالجواز، وقال آخرون: يُستحَبُّ؛ لترتيب الخصوم، ومنع المستطيل، ودفع الشِّرِّير، ويُكرَه دوام الاحتجاب، وقد يحرم؛ ففي «أبي داود» و «التِّرمذيِّ» بسندِ جيِّدٍ (٢) عن أبي مريم الأسديِّ مرفوعًا: «من ولَّاه الله تعالى من أمر النَّاس شيئًا، فاحتجب عن حاجتهم؛ احتجب الله عن حاجته يوم القيامة»، وقال في «شرح المشكاة»: فائدة قوله: «فلم تجد عنده بوَّابًا»: أنَّه لمَّا قيل لها: إنَّه لرسول الله ؛ استشعرت خوفًا وهَيبةً في نفسها، فتصوَّرت أنَّه مثل الملوك، له حاجبٌ وبوَّابٌ يمنع النَّاس من الوصول إليه، فوجدتِ الأمر بخلاف ما تصوَّرته (فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ وَاللهِ مَا عَرَفْتُكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ) لها: (إِنَّ الصَّبْرَ عِنْدَ أَوَّلِ صَدْمَةٍ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: «عند أوَّل الصَّدمة» بالتَّعريف؛ والمعنى: إذا وقع الثَّبات أوَّل شيءٍ يهجم على القلب من مقتضيات الجزع؛ فهو الصَّبر الكامل الذي يترتَّب عليه الأجر، فالمرء لا يُؤجَر على المصيبة؛ لأنَّها ليست من صنعه، وإنَّما يُؤجَر على حسن تثبُّته (٣) وجميل صبره.

وسبق الحديث في «الجنائز» في «باب زيارة القبور» [خ¦١٢٨٣].


(١) «له»: ليس في (د).
(٢) في (د): «حسن».
(٣) في (ع): «نيَّته».

<<  <  ج: ص:  >  >>