للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأنَّ الإنسان قد يفعل هذا مع أهل بيته؛ لأنَّه يرى أنَّ (١) غيرهم أحوج وأَولى، وإلَّا فأبو سفيان لم يكن معروفًا بالبخل، فلا يستدلُّ بهذا الحديث على أنَّه بخيلٌ مطلقًا (فَهَلْ عَلَيَّ) بتشديد الياء (مِنْ حَرَجٍ) مِنْ (٢) إثمٍ (أَنْ أُطْعِمَ الَّذِي) ولأبي ذرٍّ عن المُستملي: «مِنَ الذي» (لَهُ عِيَالَنَا؟) وهمزة «أُطْعِمَ» مضمومةٌ (قَالَ) (لَهَا: لَا حَرَجَ) لا إثمَ (عَلَيْكِ أَنْ تُطْعِمِيهِمْ مِنْ مَعْرُوفٍ) أي: الإطعام الذي هو المعروف بألَّا يكون فيه إسرافٌ ونحوه.

وفي هذا أنَّ للقاضي أن يقضيَ بعلمه؛ لأنَّ النَّبيَّ كان يعلم أنَّها زوجة أبي سفيان، ولم يكلِّفْها البيِّنة؛ لأنَّ علمه أقوى من الشَّهادة؛ لتيقُّن (٣) ما علمه، والشَّهادة قد تكون كذبًا، ويأتي إن شاء الله تعالى عند المؤلِّف في «باب الشَّهادة تكون عند الحاكم في ولايته القضاء» [خ¦٧١٧٠] عن آخرين من أهل العراق أنَّه يقضي بعلمه؛ لأنَّه مؤتَمنٌ، وإنَّما يُراد من الشَّهادة معرفة الحقِّ، فعلمه أكثر من الشَّهادة، واستدلَّ المانعون من القضاء بالعلم بقوله في حديث أمِّ سلمة: «إنَّما أقضي له بما أسمع»، ولم يقل: بما أعلم، وقال للحضرميِّ (٤): «شاهداك أو يمينُه، ليس لك إلَّا ذلك»، ويُخشى من قضاة السُّوء أن يحكم أحدهم بما شاء (٥) ويُحيل على علمه، وتعقَّب ابن المُنَيِّر البخاريَّ بأنَّه لا دلالة له (٦) في الحديث للتَّرجمة؛ لأنَّه خرج مخرج الفُتيا، قال: وكلام المفتي يتنزَّل على تقدير صحَّة إنهاء المستفتي، فكأنَّه قال: إن ثبت أنَّه يمنعك حقَّك؛ جاز لك أخذه، وأجاب بعضهم بأنَّ الأغلب من أحوال النَّبيِّ الحكم والإلزام، فيجب تنزيل لفظه عليه، وبأنَّه لو كان (٧) فتيا؛ لقال مثلًا: لكِ أن تأخذي، فلمَّا أتى بصيغة الأمر بقوله: «خُذي» كما في الرِّواية الأخرى [خ¦٢٢١١] دلَّ على الحكم، ويأتي مزيدٌ لذلك إن شاء الله تعالى بعون الله وقوَّته في «باب القضاء على الغائب» [خ¦٧١٨٠] وفي «باب


(١) «أنَّ»: مثبتٌ من (ب) و (س).
(٢) «مِنْ»: مثبتٌ من (د).
(٣) في (ص): «لأنَّه تيقَّن».
(٤) في (د): «للخصم».
(٥) في (د): «أحدهم بشيءٍ».
(٦) «له»: مثبتٌ من (د) و (ع).
(٧) في غير (د): «كانت».

<<  <  ج: ص:  >  >>