للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن عبَّاسٍ: من لم يحكم جاحدًا؛ فهو كافرٌ، وإن لم يكن جاحدًا (١)؛ فهو فاسقٌ ظالمٌ (﴿بِمَا اسْتُحْفِظُواْ﴾) أي: (استُودِعُوا ﴿مِن كِتَابِ اللّهِ﴾) وهذا ثابتٌ في رواية المُستملي، وسقط لأبي ذرٍّ قوله «﴿يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ﴾ … » إلى آخره، (وَقَرَأَ) الحسن أيضًا: (﴿وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ﴾) أي: واذكرهما (﴿إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ﴾): في (٢) الزرع أو الكَرْم (﴿إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ﴾) أي: رَعَتْه ليلًا بلا راعٍ بأنِ انفلتت، فأكلته وأفسدته (﴿وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ﴾) أرادهما والمتحاكمينِ إليهما، أو استعمل ضمير الجمع لاثنين (﴿شَاهِدِينَ﴾) أي: بعلمنا ومرأًى منَّا، وكان داود قد حكم بالغنم لأهل الحرث، وكانت قيمة الغنم على قدر النُّقصان في الحرث، فقال سليمان وهو ابن إحدى عشرة سنةً: غيرُ هذا أرفقُ بالفريقين، فعزم عليه ليحكُمَنَّ، فقال: أرى أن تدفع الغنم إلى أهل الحرث ينتفعون بألبانها وأولادها وأصوافها، والحرث إلى ربِّ الغنم حتَّى يصلح الحرث ويعود كهيئته (٣) يوم أفُسِد (٤)، ثمَّ يترادَّان، فقال: القضاء ما قضيتَ، وأمضى الحكم بذلك (﴿فَفَهَّمْنَاهَا﴾) أي: الحكومة (﴿سُلَيْمَانَ وَكُلًّا﴾) منهما (﴿آتَيْنَا حُكْمًا﴾) نبوَّةً (﴿وَعِلْمًا﴾ [الأنبياء: ٧٨ - ٧٩]) معرفةً بموجب الحكم، قال الحسن: (فَحَمِدَ) اللهُ تعالى (سُلَيْمَانَ) لموافقته الأرجح (وَلَمْ يَلُمْ دَاوُدَ) بفتح التَّحتيَّة وضمِّ اللَّام، من اللَّوم؛ لموافقته الرَّاجح، وقال العينيُّ: وفي نسخةٍ: «ولم يَذُمَّ» بالذَّال المعجمة، من الذَّمِّ، وتُعُقِّب بأنَّ قول الحسن هذا لا يليق بمقام داود؛ فقد جمعهما الله تعالى في الحكم والعلم، وميَّز سليمان بالفهم؛ وهو علمٌ خاصٌّ زاد على العامِّ، والأصحُّ أنَّ داود أصاب الحكم، وسليمان أُرشِد إلى الصُّلح، قال الحسن: (وَلَوْلَا مَا ذَكَرَ اللهُ مِنْ أَمْرِ هَذَيْنِ) النَّبيَّين (لَرَأَيْتُ) بفتح الرَّاء والهمزة، جواب «لو»، واللَّام فيه للتَّأكيد، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: «لَرُئِّيْتُ» بضمِّ الرَّاء وكسر الهمزة مشدَّدةً بعدها تحتيَّةٌ ساكنةٌ مبنيًّا للمفعول، وسقط لأبي ذرٍّ «أمرِ (٥)» (أَنَّ القُضَاةَ) أي: قضاة زمنه (هَلَكُوا) لما تضمَّنه


(١) في (د): «ومَنْ أقرَّ به وحكم جاهلًا».
(٢) «في»: مثبتٌ من (د).
(٣) في غير (د) و (ع): «لهيئته».
(٤) في (ل): «ثمَّ أُفسِد».
(٥) «أمر»: سقط من (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>