للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للكشميهنيِّ «قد» من قوله: قد استحرَّ (وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ) يشتدَّ (القَتْلُ بِقُرَّاءِ القُرْآنِ فِي المَوَاطِنِ كُلِّهَا، فَيَذْهَبَ قُرْآنٌ كَثِيرٌ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ القُرْآنِ) قال أبو بكر لزيدٍ: (قُلْتُ) لعمر: (كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللهِ ؟ فَقَالَ) لي (عُمَرُ: هُوَ) أي: جمعُه (وَاللهِ خَيْرٌ) واستُشكل التَّعبير بـ «خير» الذي هو «أفعل» التَّفضيل؛ لأنَّه يلزم من فعلهم هذا أن يكون خيرًا من تركه في الزَّمن النَّبويِّ، وأُجيب بأنَّه خيرٌ بالنِّسبة لزمانهم، والتَّرك كان خيرًا في الزَّمن النَّبويِّ؛ لعدم تمام النُّزول واحتمال النَّسخ؛ إذ لو جُمع بين الدَّفَّتين وسارت به الرُّكبان إلى البلدان، ثم نُسِخ؛ لأدى ذلك إلى اختلافٍ عظيمٍ، قال أبو بكرٍ: (فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي فِي ذَلِكَ حَتَّى شَرَحَ اللهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ (١) صَدْرَ عُمَرَ، وَرَأَيْتُ فِي ذَلِكَ الَّذِي رَأَى عُمَرُ، قَالَ زَيْدٌ: قَالَ) لي (أَبُو بَكْرٍ) : (وَإِنَّكَ) يا زيدُ، وللكشميهنيِّ: «إنَّك» (رَجُلٌ) بإسقاط الواو، وأشار بقوله: (شَابٌّ) إلى حِدَّة نظره وقوَّة ضبطه (عَاقِلٌ لَا نَتَّهِمُكَ، قَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الوَحْيَ لِرَسُولِ اللهِ ) ذكر له أربع صفاتٍ مقتضيةٍ لخصوصيَّته بذلك؛ كونه شابًّا فيكون أنشط لذلك، وكونه عاقلًا فيكون أوعى له، وكونه لا يُتَّهم فتركنُ النَّفس إليه، وكونه كان كاتب الوحي فيكون أكثر ممارسةً له، وقول ابن بطَّالٍ عن المهلَّب: «إنَّه يدلُّ على أنَّ العقل أجلُّ الخصال المحمودة؛ لأنَّه لم يوصف زيدٌ بأكثر من العقل، وجعله سببًا لائتمانه ورفع (٢) التُّهمة عنه» تعقَّبه في «الفتح» بأنَّ أبا بكرٍ ذكر عقب الوصف المذكور: وقد (٣) كنت تكتب الوحي، فمِن ثَمَّ اكتفى بوصفه بالعقل؛ لأنَّه لو لم تثبت أمانته وكفايته وعقله؛ لما استكتبه النَّبيُّ الوحي، وإنَّما وصفه بالعقل وعدم الاتِّهام دون ما عداهما (٤) إشارةً إلى استمرار ذلك له، وإلَّا؛ فمُجرَّد قوله: «لا نتَّهمك» مع قوله: «عاقلٌ» لا يكفي في ثبوت الأمانة والكفاية، فكم من بارعٍ في العقل والمعرفة وُجِدت منه الخيانة. (فَتَتَبَّعِ القُرْآنَ فَاجْمَعْهُ) بالفاء، ولأبي ذرٍّ: «واجمعه» (قَالَ زَيْدٌ: فَوَاللهِ لَوْ كَلَّفَنِي) أبو بكر (نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الجِبَالِ؛ مَا كَانَ) نقله (بِأَثْقَلَ عَلَيَّ) بتشديد الياء (مِمَّا كَلَّفَنِي) به أبو بكرٍ (مِنْ جَمْعِ القُرْآنِ، قُلْتُ) أي: للعُمَرين: (كَيْفَ تَفْعَلَانِ شَيْئًا لَمْ


(١) في (د): «الله».
(٢) في (د): «ودفع».
(٣) في (ب): «قد»، وفي (س): «فقد».
(٤) في (ص) و (ع): «عداها».

<<  <  ج: ص:  >  >>