للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مع اسمها مرَّتين وأبقى الخبر، وأكثر ما يكون ذلك بعد «أن» و «لو» كقوله:

انطقْ بحقٍّ وإن مستخرجًا إحنًا … فإنَّ ذا الحقَّ غلَّابٌ وإن غُلبا

وكقوله:

علمتك (١) منَّانًا فلستُ بآملٍ … نَدَاك ولو غَرثانَ ظمآنَ عاريا

وفي «لعلَّ» في هذين الموضعين شاهدٌ على مجيء «لعلَّ» للرَّجاء المجرَّد من التَّعليل، وأكثر مجيئها في الرَّجاء إذا كان معه تعليلٌ نحو ﴿وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [البقرة: ١٨٩] ﴿لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: ٤٦] ومعنى «يستعتب» يطلب العتبى، أي: الرِّضا عنه، وتعقَّبه في «المصابيح» فقال: اشتمل كلامه على أمرين ضعيفين قابلين للنِّزاع أمَّا الأوَّل: فجزمه بأنَّ كلًّا من قوله: «محسنًا» و «مسيئًا» خبرٌ لـ «يكون» محذوفةً مع احتمال أن يكونا حالين من فاعل «يتمنَّى» وهو «أحدكم» وعطف أحد الحالَين على الآخر، وأتى بعد كلِّ حالٍ بما ينبِّه على علَّة النَّهي عن تمنِّي الموت، والأصل لا يتمنَّى أحدكم الموت محسنًا أو مسيئًا (٢) أي: سواءٌ كان على حالة الإحسان أو الإساءة، أمَّا إن كان محسنًا فلا يتمنَّى الموت لعلَّه يزداد إحسانًا على إحسانه، فيضاعف أجره وثوابه، وأمَّا إن كان مسيئًا فلا يتمنَّى أيضًا إذ لعلَّه يندم على إساءته ويطلب الرِّضا عنه، فيكون ذلك سببًا لمحو سيِّئاته التي اقترفها، وأمَّا الثَّاني: فادِّعاؤه أنَّ أكثر مجيء «لعلَّ» للتَّرجِّي المصحوب بالتَّعليل وهذا ممنوعٌ، وهذه كتب النُّحاة الأكابر طافحةٌ بالإعراض عن ذكر هذا القيد (٣)، ولو سَلِم، فليس في هذا الحديث شاهدٌ على مجيئها للتَّرجِّي المجرَّد؛ لإمكان اعتبار التَّعليل معه، وقد فُهِمَت صحَّة اعتباره ممَّا قرَّرناه، فتأمَّله. انتهى.


(١) في (ص): «عليك»، وهو تحريفٌ.
(٢) في (س): «إمَّا محسنًا، وإمَّا مسيئًا».
(٣) في (ل): «القيل».

<<  <  ج: ص:  >  >>