فأضاف إليها واوًا أخرى، وأدغمها، وجعلها فاعلًا، قال: ومقصود البخاريِّ ﵀ بالتَّرجمة وأحاديثها: أنَّ النُّطق بـ «لو» لا يُكره في الإطلاق، وإنَّما يكره في شيءٍ مخصوصٍ، يؤخَذ ذلك من قوله:«من اللَّوِّ» فأشار إلى التبعيض، ولورودها في الأحاديث الصَّحيحة، وقيل: إنَّ البخاريَّ أشار بقوله: «ما يجوز من اللَّوِّ» إلى أنَّ «اللَّوَّ» في الأصل لا يجوز إلَّا ما استُثني، وعند النَّسائيِّ وابن ماجه من طريق محمَّد بن عجلان، عن الأعرج، عن أبي هريرة يَبْلُغ به النبيَّ ﷺ قال:«المؤمن القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضَّعيف، وفي كلٍّ خيرٌ، احرِص على ما ينفعك ولا تعجِزْ، فإن غلبك أمرٌ فقل: قدَّر الله وما شاء فَعَلَ، وإياك واللَّوَّ؛ فإنَّ اللَّوَّ تفتح عمل الشَّيطان» هذا لفظ ابن ماجه، ولفظ النَّسائيِّ قال: قال رسول الله ﷺ … ، والباقي سواءٌ إلَّا أنَّه قال:«وما شاء، وإيَّاك … » وأخرجه النَّسائيُّ والطبريُّ والطَّحاويُّ من طريق عبد الله بن إدريس عن ربيعة بن عثمان فقال: عن محمَّد بن يحيى بن حبَّان عن الأعرج، ولفظ النَّسائيِّ:«وفي كلٍّ خيرٌ» وفيه: «احرص على ما ينفعك، واستعِنْ بالله ولا تعجِز، وإذا أصابك شيءٌ فلا تقل: لو أنِّي فعلت كذا وكذا، ولكن قُل: قَدَّر الله وما شاء فعل»، قال في «الفتح»: هذه الطريق أصحُّ طرق هذا الحديث، وقوله:«فإنَّ اللَّوَّ تفتح عمل الشَّيطان» أي: تُلقي في القلب معارضةَ القَدَر، فيوسوس به الشَّيطان، ولا معارضة بين ما ورد من الأحاديث الدالَّة على الجواز والدالَّة على النَّهي؛ لأنَّ النَّهي مخصوصٌ بالجزم بالفعل الذي لم يقع، فالمعنى لا تقل لشيءٍ لم يقع: لو أنِّي فعلت كذا لوقع، قاضيًا بتحتُّم ذلك، غير مضمرٍ في نفسك شَرْطَ مشيئة الله، وما ورد من قول:«لو» محمولٌ على ما إذا كان قائلُه موقنًا بالشَّرط المذكور وهو أنَّه لا يقع شيءٌ إلَّا بمشيئة الله وإرادته، قاله الطبريُّ، وقال غيره: الظاهر أنَّ النَّهي عن إطلاق ذلك فيما لا فائدة فيه، أمَّا من قاله تأسُّفًا على ما فاته من طاعة الله فلا بأس به.