للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السَّابقة: «الصُّبح بقباءٍ» [خ¦٧٢٥١] لأنَّ العصر ليوم التَّوجُّه بالمدينة، والصُّبح لأهل قباءٍ في اليوم الثَّاني (ثُمَّ خَرَجَ فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الأَنْصَارِ) يصلُّون العصر نحو بيت المقدس (فَقَالَ: هُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ ) وهذا على طريق التَّجريد جرَّد من نفسه شخصًا، أو على طريق الالتفات، أو نقل الرَّاوي كلامه بالمعنى (وَأَنَّهُ) (قَدْ وُجِّهَ) بضمِّ الواو وكسر الجيم (إِلَى الكَعْبَةِ، فَانْحَرَفُوا وَهُمْ رُكُوعٌ فِي صَلَاةِ العَصْرِ) نَحْوَ الكعبة.

والحديث سبق في «باب التُّوجُّه نحو القبلة» من «الصَّلاة» [خ¦٣٩٩] ومطابقته ظاهرةٌ، وقال في «مصابيح الجامع»: فإن قلت: إن كان مقصود البخاريِّ أن يُثبت قَبول خبر الواحد بهذا الخبر الذي هو خبر الواحد فإنَّ ذلك إثبات الشَّيء بنفسه، وأجاب بأنَّه إنَّما مقصوده التَّنبيه على مثالٍ من أمثلة قَبولهم خبر الواحد؛ ليضمَّ إليه أمثالًا لا تُحصى، فثبت بذلك القطع بقبولهم لخبر (١) الواحد، قال: ثمَّ ممَّا يتعلَّق بالكلام على هذا الحديث -وهو استقبال أهل قباءٍ إلى الكعبة عند مجيء الآتي لهم وهم في صلاة الصُّبح؛ لأنَّه أُمِرَ أن يستقبل الكعبة- أنَّ نَسْخَ الكتاب والسُّنَّة المتواترة بخبر الواحد هل يجوز أو لا؟ الأكثرون على المنع؛ لأنَّ المقطوع لا يُزال بالمظنون، فنُقِل عن الظاهريَّة جواز ذلك، واستُدِلَّ للجواز بهذا الحديث، ووجه الدَّليل أنَّهم قد (٢) عمِلوا بخبر الواحد، ولم يُنكِر عليهم النَّبيُّ ، قال ابن دقيق العيد: وفي هذا الاستدلال عندي مناقشةٌ، فإنَّ المسألة مفروضةٌ في نسخ الكتاب والسُّنَّة المتواترة بخبر الواحد، ويمتنع في العادة في أهل قباءٍ -مع قربهم منه وإتيانهم إليه وتيسُّر (٣) مراجعتهم له- أن يكون مستندهم في الصَّلاة إلى بيت المقدس خبرًا عنه مع طول المدَّة ستَّة عشر شهرًا من غير مشاهدةٍ لفعله، أو مشافهةٍ من قوله، قال البدر الدَّمامينيُّ: ليس الكلام في صلاتهم إلى بيت المقدس مع طول المدَّة، وإنَّما هو في الصَّلاة التي استداروا في أثنائها إلى الكعبة بمجرَّد إخبار الصَّحابيِّ الواحد لهم بتحويل القبلة، ولم يُنكِر عليهم ذلك النَّبيُّ ، وهذا هو الذي استدلُّوا به فيما يظهر، والشَّيخ -أي: ابن دقيقٍ العيد- لم


(١) في (ص): «الخبر»، والمثبت موافق للمصابيح.
(٢) «قد»: ليس في (ص) و (ع)، ولا في مطبوع المصابيح.
(٣) في (ع): «وتيسير»، والمثبت موافق للمصابيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>