للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِيهِ) في الحديث: (صِيَامُ رَمَضَانَ- وَتُؤْتُوا) وفي «الإيمان»: «وأن تُعطوا» وهو معطوفٌ على قوله: «بأربعٍ» أي: أمرهم بالإيمان وبأن يُعطوا (مِنَ المَغَانِمِ) بلفظ الجمع (الخُمُسَ) قال في «شرح المشكاة»: قوله: «بأمرٍ فصلٍ» يُحتَمل أن يكون «الأمر» واحد الأوامر، وأن يكون بمعنى الشَّأن، و «فَصْلٍ» يُحتَمل أن يكون بمعنى الفاصل، وهو الذي يفصل بين الصَّحيح والفاسد، والحقِّ والباطل، وأن يكون بمعنى المفصَّل أي: مُبيَّنٍ (١) مكشوفٍ ظاهرٍ، ينفصل به المراد عن الاشتباه، فإذا كان بمعنى الشَّأن والفاصل -وهو الظَّاهر- يكون التَّنكير للتَّعظيم بشهادة قوله: ندخل به الجنَّة، كما قال : «سألتني عن عظيمٍ» في جواب معاذ: «أخبِرْني بعملٍ يدخلني الجنَّة»، فالمناسب حينئذٍ أن يكون الفصْل بمعنى المفصّل لتفصيله صلوات الله وسلامه عليه الإيمان بأركانه الخمسة كما فصَّله في حديث معاذٍ، وإن كان بمعنى واحدِ الأوامر فيكون التَّنكير للتَّقليل، فإذًا المراد به اللَّفظ، والباء للاستعانة، والمأمور به محذوفٌ أي: مُرنا بعملٍ بواسطة «افعل» وتصريحه في هذا المقام أن يُقال لهم: آمِنوا، أو قولوا: آمنَّا، هذا هو المعنيُّ بقول الرَّاوي: أمرهم بالإيمان بالله، وعلى أن يراد بالأمر الشَّأن يكون المراد معنى اللَّفظ ومؤدَّاه، وعلى هذا «الفصل» بمعنى الفاصل أي: مُرنا بأمرٍ فاصلٍ جامعٍ قاطعٍ كما في قوله : «قل: آمنت بالله ثمَّ استقم» فالمأمور ههنا أمرٌ واحدٌ، وهو الإيمان، والأركان الخمسة كالتَّفسير للإيمان، بدلالة قوله : «أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟» ثمَّ بيَّنه بما قال، فإن قيل: على هذا في قول الرَّاوي إشكالان: أحدهما أنَّ المأمور واحدٌ، وقد قال: أربعة، وثانيهما أنَّ الأركان خمسةٌ، وقد ذكر أربعًا، والجواب عنِ الأوَّل أنَّه جعل الإيمان أربعًا باعتبار أجزائه المفصَّلة، وعن الثَّاني أنَّ من عادة البلغاء أنَّ الكلام إذا كان منصوبًا لغرضٍ من الأغراض جعلوا سياقه له، وتوجُّهه إليه، كأنَّ ما سواه مرفوضٌ مطروحٌ، ومنه قوله تعالى: ﴿فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ﴾ [يس: ١٤] أي: فعزَّزناهما، ترك المنصوب، وأتى بالجارِّ والمجرور لأنَّ الكلام لم يكن مسوقًا له، فههنا لمَّا لم يكنِ الغرض في الإيراد ذكر الشَّهادتين؛ لأنَّ القوم كانوا مؤمنين مقرِّين بكلمتي الشَّهادة بدليل قولهم: «الله ورسوله أعلم» وترحُّبِ النَّبيِّ بهم (٢)، ولكن


(١) في (ب): «بين». والمثبت موافق لشرح المشكاة.
(٢) في (ص): «لهم». وكذا في شرح المشكاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>