للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بأخرى يُؤذِن (١) بقلَّة ضبطها، وهو يشعر بنقص عقلها.

ثم قال : (أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟) أي: لِمَا قام بها من مانع الحيض (قُلْنَ: بَلَى، قَالَ) : (فَذَلِكَِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا) بكسر الكاف وفتحها كالسَّابق، قِيلَ: وهذا العموم فيهنَّ يعارضه حديث: «كمل من الرِّجال كثيرٌ ولم يكمل مِنَ النِّساء إلَّا مريم ابنة عمران وآسية بنت مزاحمٍ»، وفي رواية التِّرمذيِّ وأحمد: «أربعٌ: مريم ابنة عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلدٍ، وفاطمة بنت محمَّدٍ»، وأُجِيببأنَّ الحكم على الكلِّ بشيءٍ لا يستلزم الحكم على كلِّ فردٍ من أفراده بذلك الشيء، فإن قلت: لِمَ خصَّ بالذِّكر في التَّرجمة الصَّوم دون الصَّلاة وهما مذكوران في الحديث؟ أُجيببأنَّ تركها للصَّلاة واضحٌ لافتقارها إلى الطَّهارة بخلاف الصَّوم، فتركها له مع الحيض تعبُّدٌ محضٌ، فاحتِيج إلى التَّنصيص عليه بخلاف الصَّلاة، وليس المُراد بذكر نقص العقل والدِّين في النِّساء لومَهنَّ عليه؛ لأنَّه من أصل الخلقة، ولكن التَّنبيه على ذلك تحذيرًا من الافتتان بهنَّ، ولهذا رتَّب العذاب على ما ذكر من الكفران وغيره لا على النَّقص؛ وليس نقص الدِّين منحصرًا فيما يحصل من الإثم، بل في أعمَّ من ذلك، قاله النَّوويُّ؛ لأنَّه أمرٌ نسبيٌّ، فالكامل مثلًا ناقصٌ عن الأكمل، ومن ذلك: الحائض لا تأثم بترك الصَّلاة زمن الحيض، لكنَّها ناقصةٌ عنِ المصلِّي، وهل تُثاب على هذا التَّرك لكونها مُكلَّفة به كما يُثاب المريض على ترك (٢) النَّوافل التي كان يفعلها في صحَّته وشُغِل عنها بمرضه؟ قال النَّوويُّ: الظَّاهر لا؛ لأنَّ ظاهر الحديث أنَّها لا تُثاب لأنَّه ينوي أنَّه يفعل لو كان


(١) في (ص) و (ج): «يؤدِّي».
(٢) «ترك»: مثبتٌ من (ص) و (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>