للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن «قال» فيما يُشَكُّ في حقيقته وإسناده إلى غيره؛ لأنَّه يشغل الوقت بما لا فائدة فيه، بل قد يكون كذبًا، فيأثم ويضرُّ نفسه وغيره، أمَّا من تحقَّق الحديث، وتحقق من يُسنده إليه ممَّا (١) أباحه الشَّرع؛ فلا حرج في ذلك (وَ) كان ينهى عن (كَثْرَةِ السُّؤَالِ) بفتح الكاف، وكسرها لغةٌ رديئةٌ؛ كما في «الصَِّحاح» أي: كثرة المسائل العلميَّة التي لا تدعو الحاجة إليها، وفي حديث معاوية: «نهى عن الأغلوطات» وهي شداد المسائل وصِعابها، وإنَّما كرِه ذلك؛ لما يتضمَّن كثيرٌ منه التَّكلَّفَ في الدِّين والتَّنطُّع من غير ضرورةٍ، أو المسائل في المال، وقد وردت أحاديث في تعظيم مسألة النَّاس (وَ) عن (إِضَاعَةِ المَالِ) فيما لا يحلُّ (وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقُوقِ الأُمَّهَاتِ) جمع «أُمَّهَة» قال:

أُمَّهتي خِنْدِفُ والياسُ أَبي

إلَّا أنَّ «أمَّهةً» لمن يعقل و «أمَّ» لمن يعقل ولمن لا يعقل، قال الشَّيخ تقيُّ الدِّين بن دقيق العيد: وتخصيص العقوق بالأمَّهات مع امتناعه في الآباء أيضًا؛ لأجل شدَّة حقوقهنَّ، ورجحان الأمر ببرّهن بالنِّسبة إلى الآباء، وهذا من باب تخصيص الشَّيء بالذِّكر (٢) بإظهار (٣) عِظَمِه في المنع إن كان ممنوعًا، وَشَرَفه إن كان مأمورًا به، وقد يُراعى في موضعٍ آخر بالتَّنبيه بذكر الأدنى على الأعلى، فيخصُّ الأدنى بالذِّكر، وذلك بحسب اختلاف المقصود (وَ) عن (وَأْدِ البَنَاتِ) بالهمزة السَّاكنة والدَّال المهملة، أي: دفنهنَّ مع الحياة، فعل الجاهليَّة؛ ولذا خُصَّت بالذِّكر، فتوجَّه النَّهي إليه، لا لأنَّ الحكم مخصوصٌ بالبنات (وَ) عن (مَنْعٍ) بفتح الميم وسكون النُّون وتنوين العين مكسورةً؛ لما يسأل من الحقوق الواجبة عليه (وَ) عن قول: (هَاتِ) بكسر الفوقيَّة من غير تنوينٍ، يطلب من النَّاس من غير حاجةٍ، وفيه ترجيح أن يكون المراد من النَّهي عن كثرة السُّؤال سؤال غير (٤) المال دفعًا للتَّكرار.

والحديث سبق في «الصَّلاة» [خ¦٨٤٤] وغيرها [خ¦٢٤٠٨] [خ¦٥٩٧٥] [خ¦٦٤٧٣].


(١) في (ص): «بما».
(٢) «بالذكر»: ليس في (د).
(٣) في (ب) و (س): «لإظهار».
(٤) في (د) و (ع): «السؤال عن»، ولا يصحُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>